وإذا أضمرنا التمليك صار معتقا عن الآمر ملكه لا ملك نفسه وهو خلاف ما صرح به ولكنا نقول معنى كلامه ملكني عبدك هذا بألف درهم ثم كن وكيلي في إعتاقه عن ظهاري لأنه التمس منه إعتاقه عن ظهاره ولا وجه لتصحيح التماسه إلا بهذا الإضمار وتصحيح كلام العاقل واجب بحسب الإمكان فإذا أمكن تصحيحه بهذا الطريق يصحح لمعنى وهو أن الملك في المحل شرط العتق وشرط الشيء تبعه فيصير كالمذكور بذكر أصله كمن نذر صلاة تلزمه الطهارة ومن نذر اعتكافا يلزمه الصوم ويصير ذلك كالمذكور .
وعلى هذا لو قال بعت منك هذا العبد بكذا فقال المشتري هو حر يعتق من جهته ويصير القبول والتمليك ثابتا بمقتضى كلامه ومعنى قوله عبدك يعني العبد الذي هو ملك لك للحال لا عند مصادفة العتق إياه فمقصوده من هذا تعريف العبد لا إضافته إليه والخلاف ثابت فيما لو قال أعتق هذا العبد عني وأما إذا كان بغير جعل بأن قال أعتق عبدك عن ظهاري بغير شيء فأعتقه المأمور على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى الولاء للمأمور ولا يجزئ عن ظهار الآمر وهو القياس وعلى قول أبي يوسف والشافعي رحمهما الله تعالى الولاء للآمر ويجزئ عن ظهاره باعتبار إضمار التمليك كما في الأول وهذا لأن الملك سواء حصل له بعوض أو بغير عوض يجوز عن كفارته إذا أعتقه ولا يجوز أن يقال الملك بطريق الهبة لا يحصل إلا بالقبض لأن القبض في باب الهبة كالقبول في البيع فكما سقط اعتبار القبول هناك لكون البيع في ضمن العتق فكذلك يسقط اعتبار القبض هنا أو يجعل القبض مدرجا في كلامه حكما كما يندرج القبول في كلامه أو يجعل العبد قابضا نفسه من المولى له كما لو قال أطعم عن ظهاري ستين مسكينا يجوز بغير بدل علي أن يقبض الفقير له ثم لنفسه والدليل عليه أنه لو قال أعتقه عني بألف ورطل من خمر فأعتقه جاز عن الآمر ويندرج البيع الفاسد هنا والملك بالبيع الفاسد لا يحصل إلا بالقبض كما في الهبة وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يقولان مستوهب أمر بالعتق قبل القبض فلا يجزئ عنه كما لو استوهبه العبد نصا ثم قال قبل قبضه أعتقه وهذا لأن القبض في باب الهبة شرط لوقوع الملك على وجه لا يجوز إسقاطه بحال فلا يسقط بالاندراج في العتق لأن المسقط إنما يعمل في محله لا في غير محله بخلاف القبول في البيع فإنه يحتمل السقوط حتى لو قال بعت منك هذا الثوب بعشرة فاقطعه فقطعه صار متملكا وإن لم يقبل وهذا لأن الإيجاب مع القبول قد يحتمل السقوط في البيع