جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ولم يحمل هذا المطلق على المقيد وهو قوله صلى الله عليه وسلم التراب طهور المسلم وهذا لأن للمطلق حكما وهو الإطلاق وفي حمله على المقيد إبطال حكمه وإليه أشار بن عباس رضي الله تعالى عنه في قوله ابهموا ما أبهم الله وامتناع وجوب الزكاة في غير السائمة ليس لحمل المطلق على المقيد بل للنص الوارد بأن لا زكاة في العوامل واشتراط العدالة في الشهادات ليس لحمل المطلق على المقيد بل للنص الوارد بالتثبت في خبر الفاسق وكذلك وجوب التبليغ إلى الكعبة في جميع الهدايا للنص وهو قوله تعالى ! < ثم محلها إلى البيت العتيق > ! ولو جاز ذلك إنما يجوز بعد ثبوت المساواة بين الحادثتين ولا مساواة بين كفارة القتل وبين سائر الكفارات فإن القتل من أعظم الكبائر وفيه تفويت رقبة مؤمنة مخاطبة بالإيمان بخلاف أسباب سائر الكفارات ففيها من التغليظ ما ليس في غيرها ولهذا لا يكون الإطعام بدلا عن الصيام في كفارة القتل بخلاف كفارة الظهار واشتراط صفة التتابع عندنا في الصوم في كفارة اليمين ليس بطريق حمل المطلق على المقيد بل بقراءة بن مسعود رضي الله عنه وهي مشهورة وهي لازمة عليهم فإنهم لا يشترطون صفة التتابع فيها لحمل المطلق على المقيد ولا معنى لقول من يقول لذلك المطلق أصلان أحدهما مقيد بالتفرق وهو صوم المتعة لأن ذلك غير مقيد بالتفرق ولكن لا يجوز قبل يوم النحر لأنه مضاف إلى وقت الرجوع بحرف إذا وهو قوله تعالى ! < وسبعة إذا رجعتم > ! فأما الحديث فقد ذكر في بعض الروايات أن الرجل قال علي عتق رقبة مؤمنة أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أن عليه رقبة مؤمنة فلهذا امتحنها بالإيمان مع أن في صحة ذلك الحديث كلاما فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أين الله فأشارت إلى السماء ولا نظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطلب من أحد أن يثبت لله تعالى جهة ولا مكانا ولا حجة لهم في الآية لأن الكفر خبث من حيث الاعتقاد والمصروف إلى الكفارة ليس هو الاعتقاد إنما المصروف إلى الكفارة المالية ومن حيث المالية هو عيب يسير على شرف الزوال .
( قال ) ( ويجزئ الأصم في جميع الكفارات استحسانا ) وفي القياس لا يجزئ وهو رواية في النوادر لأن منفعة السمع مقصودة وبالصمم يفوت ذلك وجه الاستحسان أن بالصمم لا تفوت منفعة السمع أصلا حتى أنه يسمع إذا صاح إنسان في أذنه وقبل الرواية التي قال لا يجوز محمول على صمم أصلي