فيبقى خيارها في الغد على حاله بخلاف ما لو قال اختاري اليوم وغدا فردت اليوم أو اختارت زوجها فلا خيار لها في الغد لأنه عطف الغد على اليوم والعطف للإشراك فاقتضى ذلك امتداد الخيار إلى مضي الغد لا تجديد الخيار المضاف وإذا كان الخيار واحدا وقد بطل ذلك بردها فلا خيار لها بعد ذلك .
فأما إذا قال واختاري غدا فهو خيار آخر أوجبه لها في الغد لأنه ذكر للغد خبرا فلا يجعل الخبر الأول خبرا له وإن اختارت اليوم نفسها فبانت فلا خيار لها في الغد لأنها قد ملكت أمر نفسها باختيارها نفسها وذلك ينفي الخيار المضاف كما ينفي الخيار المنجز ولأن الخيار المضاف إلى الغد لا يتضمن تطليقة أخرى لأن التطليقة التي في ضمن الخيار المنجز تحتمل الإضافة إلى الغد ما لم تقع فإذا وقعت باختيارها نفسها في اليوم لم يبق حتى تختار نفسها في الغد بها .
( قال ) ( وإن قال اختاري غدا الطلاق فقالت اليوم اخترت غدا الطلاق أو قالت قد اخترت الزوج فاختيارها اليوم باطل ولها الاختيار غدا ) لأن الزوج أضاف التخيير إلى وقت منتظر فلا يثبت لها الخيار قبل مجيء ذلك الوقت واختيارها قبل أن يثبت لها الخيار لغو .
وإن قالت في الغد قد اخترت زوجي لا بل نفسي كانت امرأته ولا خيار لها لأن بقولها قد اخترت زوجي بطل خيارها فبقولها لا بل نفسي اختارت نفسها بعد ما بطل خيارها وإن قالت اخترت نفسي لا بل زوجي بانت بقولها اخترت نفسي فلا ترفع البينونة بقولها لا بل زوجي بعد ذلك .
( قال ) ( وإن قال إن شئت فأنت طالق واختاري فقالت قد اخترت نفسي وشئت الطلاق كانت طالقا اثنتين ) لأن قولها قد اخترت نفسي جواب التخيير وقولها شئت الطلاق إيجاد للشرط في طلاق المشيئة والصريح يلحق البائن ولا يكون قولها اخترت نفسي عملا هو ضد مشيئة الطلاق بل هذا من جنس مشيئة الطلاق فلا يخرج به طلاق المشيئة من يدها وكذلك لو قال اختاري إن هويت أو أحببت أو أردت فقالت قد اخترت نفسي وقعت تطليقة بائنة لوجود الشرط باختيارها نفسها فقد هويت ذلك وأحبت وأرادت حين اختارت نفسها .
( قال ) ( ولو قال اختاري من ثلاث تطليقات ما شئت فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تملك أن تختار بهذا اللفظ إلا واحدة أو اثنتين وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تملك أن تختار الثلاث بهذا اللفظ ) لأن كلمة ما للتعميم ومن قد تكون للتبعيض وقد تكون للتمييز كما يقال سيف من حديد وهو معنى قوله تعالى ! < فاجتنبوا الرجس من الأوثان > ! الحج 30 وقد تكون صلة كما في قوله تعالى ! < يغفر لكم من ذنوبكم > ! 4 وقوله تعالى ! < ما اتخذ الله من ولد > ! 91 فكانت مراعاة جانب التعميم بكلمة ما أولى