فالقول قوله مع يمينه لأن قوله اختاري كلام محتمل يجوز أن يكون مراده اختاري نفقة أو كسوة أو دارا للسكنى وفي الكلام المحتمل القول قول الزوج أنه لم يرد الطلاق مع يمينه لكونه متهما في ذلك وإن نوى الطلاق .
فإن كان قال لها اختاري فقالت اخترت لا يقع شيء أيضا لأنه ليس في كلامه ولا في كلامها ما يوجب التخصيص وإزالة الإبهام .
والطلاق لا يقع بمجرد القصد من غير لفظ يدل عليه بخلاف ما إذا قال لها اختاري نفسك فقالت اخترت أو قال اختاري فقالت اخترت نفسي لأن هناك في كلام أحدهما تنصيص على التخصيص فيقع به الطلاق عند النية .
ثم المخيرة إذا اختارت زوجها لم يقع عليها شيء إلا على قول علي رضي الله عنه فإنه يقول يقع تطليقة رجعية إذا اختارت زوجها فكأنه جعل عين هذا اللفظ طلاقا فقال إذا اختارت زوجها .
فالواقع به طلاق لا يرفع الزوجية .
ولسنا نأخذ بهذا بل نأخذ بقول عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنها إذا اختارت زوجها فلا شيء وهذا لحديث عائشة رضي الله عنها قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ولم يكن ذلك طلاقا .
وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة عندنا وهو قول علي رضي الله عنه .
وعلى قول عمر وبن مسعود رضي الله عنهما واحدة رجعية .
وعلى قول زيد رضي الله عنه إذا اختارت نفسها فثلاث .
وكأنه حمل هذا اللفظ على أتم ما يكون من الاختيار وعمر وبن مسعود رضي الله عنهما حملا على أدنى ما يكون منه وهو التطليقة الرجعية .
ولكنا نأخذ في هذا بقول علي رضي الله عنه لأن اختيارها نفسها إنما يتحقق إذا زال ملك الزوج عنها وصارت مالكة أمر نفسها وذلك بالواحدة البائنة وليس في هذا اللفظ ما يدل على الثلاث لأن حكم مالكيتها أمر نفسها لا يختلف بالثلاث والواحدة البائنة ولهذا قلنا وإن نوى الثلاث بهذا اللفظ لا تقع إلا واحدة بائنة لأن هذا مجرد نية العدد منه وقوله اختاري أمر بالفعل فلا يحتمل معنى العدد بخلاف قوله أنت بائن فنية الثلاث إنما تصح هناك باعتبار أنه نوى به نوعا من البينونة وهنا الاختيار لا يتنوع فبقي هذا مجرد نية العدد .
( قال ) ( والتخيير في السفينة كالتخيير في البيت ) لأن السفينة في حق راكبها كالبيت لا يجريها بل هي تجري به قال الله تعالى ! < وهي تجري بهم > ! 42 ألا ترى أنه لا يتمكن من إيقافها متى شاء فلها الخيار ما دامت في مجلسها بخلاف ما إذا خيرها وهي راكبة فسارت الدابة بعد الخيار شيئا يبطل خيارها لأن سير الدابة مضاف إلى