خبرها مقام حقيقة ما في قلبها لأنه إنما يعبر عما في قلبها لسانها أو لما جعل الشرط ما لا طريق لنا إلى معرفته حقيقة كان ذلك تحقيقا للنفي كما بينا من نظائره فيما سبق .
( قال ) ( وإن قال لامرأتيه أيتكما شاءت فهي طالق ثلاثا فشاءتا جميعا فهما طالقان وإن شاءت إحداهما وسكتت الأخرى فالتي شاءت طالق ) لأن كلمة أي تتناول كل واحد من المخاطبين على الانفراد قال الله تعالى ! < أيكم يأتيني بعرشها > ! 38 ولم يقل يأتوني ويقال أيكم فعل كذا ولا يقال فعلوا ولا فعلتم وإذا ثبت أنه يتناول كل واحدة على الانفراد صارت مشيئة كل واحدة شرطا لوقوع الطلاق عليها على الانفراد بخلاف قوله إن شئتما على ما تقدم فإن شاءتا وقال الزوج إنما عنيت أحدا كما لم يصدق في القضاء لأنه خلاف الظاهر ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى على معنى أنه نوى التخصيص في لفظ العموم فإن كان عنى واحدة منهما بعينها فارق تلك الواحدة وإن عنى بغير عينها يمسك أيتهما شاء وفارق الأخرى ولا يسع امرأتيه أن تقيما معه لأنهما يتبعان الظاهر فكما لا يصدقه القاضي في ذلك فكذلك لا يسعهما أن يصدقاه وإن قال أشدكما حبا لي أو للطلاق طالق أو قال أشدكما بغضا لي أو للطلاق طالق فادعت كل واحدة منهما أنها أشد حبا أو بغضا في ذلك وكذبهما الزوج لم تطلق واحدة منهما لأن كل واحدة منهما تدعي شرط الطلاق والزوج ينكر ذلك وقد يكونان في ذلك سواء لا يحبان ولا يبغضان .
( فإن قيل ) لماذا لا يقام هنا إخبار كل واحدة منهما مقام حقيقة كونها أشد حبا أو بغضا .
( قلنا ) لا طريق لواحدة منهما إلى معرفة ما في قلب صاحبتها وبدون ذلك لا يعرف أنها أشد حبا أو بغضا فتكون في الإخبار مجازفة فلهذا لا يقام الخبر مقام حقيقة الشرط .
توضيحه أنا لما أقمنا هنا الخبر مقام حقيقة الشرط جعلناهما طالقين ونحن نتيقن أنه ما طلقهما إنما طلق أشدهما حبا له أو بغضا له ولا يتصور ذلك في حقهما جميعا ولهذا لا تطلق واحدة منهما والله أعلم .
$ باب الخيار $ ( قال ) ( وإذا قال لامرأته اختاري فاختارت نفسها في القياس لا يقع عليها شيء وإن نوى الطلاق ) لأن التفويض إليها إنما يصح فيما يملك الزوج مباشرته بنفسه وهو لا يملك إيقاع الطلاق عليها بهذا اللفظ حتى لو قال اخترتك من نفسي أو اخترت نفسي منك