بتوارث أهل الحرمين ولما روي أن بلالا كان يؤذن على عهد رسول الله بالليل فدل أنه لا بأس به ولأن وقت الفجر مشتبه وفي مراعاته بعض الحرج .
ولكن أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله قاسا الأذان للفجر بالأذان لسائر الصلوات بالمعنى الذي بينا وفي الأذان للفجر قبل الوقت إضرار بالناس لأنه وقت نومهم فيلتبس عليهم وذلك مكروه وقد روى أن الحسن البصرى رحمه الله تعالى كان إذا سمع من يؤذن قبل طلوع الفجر قال علوج فراح لا يصلون إلا في الوقت لو أدركهم عمر لأدبهم فأما أذان بلال فقد أنكر عليه رسول الله الأذان بالليل وأمره أن ينادى على نفسه إلا أن العبد قد زام فكان يبكي ويطوف حول المدينة ويقول ليت بلالا لم تلده أمه وابتل من نضح دم جبينه وإنما قال ذلك لكثرة معاتبة رسول الله إياه .
وقيل إن أذان بلال ما كان لصلاة الفجر ولكن كان لينام القائم ويقوم النائم فقد كانت الصحابة فرقتين فرقة يتهجدون في النصف الأول من الليل وفرقة في النصف الآخر وكان الفاصل أذان بلال .
وإنما كان صلاة الفجر بأذان بن أم مكتوم كما قال لا يغرنكم أذان بلال فإنه يؤذن ليرجع قائمكم ويتسحر صائمكم ويقوم نائمكم فكلوا واشربوا حتى يؤذن بن أم مكتوم وكان هو أعمى لا يؤذن حتى يسمع الناس يقولون أصبحت أصبحت .
قال ( وإذا دخل القوم مسجدا قد صلى فيه أهله كرهت لهم أن يصلوا جماعة بأذان وإقامة ولكنهم يصلون وحدانا بغير أذان ولا إقامة ) لحديث الحسن قال كانت الصحابة إذا فاتتهم الجماعة فمنهم من اتبع الجماعات ومنهم من صلى في مسجده بغير أذان ولا إقامة وفي الحديث أن النبي خرج ليصلح بين الانصار فاستخلف عبد الرحمن بن عوف فرجع بعد ما صلى فدخل رسول الله بيته وجمع أهله فصلى بهم بأذان وإقامة فلو كان يجوز إعادة الجماعة في المسجد لما ترك الصلاة في المسجد والصلاة فيه أفضل وهذا عندنا .
وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه لا بأس بتكرار الجماعة في مسجد واحد لأن جميع الناس في المسجد سواء وإنما بنى لإقامة الصلاة بالجماعة وهو قياس المساجد على قوارع الطرق فإنه لا بأس به بتكرار الجماعة فيها .
( ولنا ) أنا أمرنا بتكثير الجماعة وفي تكرار الجماعة في مسجد واحد تقليلها لأن الناس إذا عرفوا أنهم تفوتهم الجماعة يعجلون للحضور فتكثر الجماعة وإذا علموا أنه لا تفوتهم يؤخرون فيؤدى إلى تقليل الجماعات وبهذا فارق المسجد الذي على قارعة