رحمه الله تعالى .
وعلى هذا لو قال لعبده أنت حر كيف شئت عتق عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا مشيئة له ولا يعتق عندهما ما لم يشأ هما يقولان الزوج تكلم بطلاق المشيئة فلا يقع بدون مشيئتها كقوله أنت طالق كم شئت أو أنت طالق حيث شئت أو أين شئت لا يقع ما لم تشأ وهذا لأن حرف كيف وإن كان استخبارا عن الوصف والحال ولكن ذلك إنما يتحقق فيما كان أصله موجودا قبل الاستخبار دون ما لم يكن أصله موجودا فيقام الأصل مقام الصفة فيما لم يكن موجودا قبل كلامه فلهذا تعلق أصل الطلاق بمشيئتها .
وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول إنما يتأخر إلى مشيئتها ما علق الزوج بمشيئتها دون ما لم يعلق وكيف لا يرجع إلى أصل الطلاق فيكون منجزا أصل الطلاق ومفوضا للصفة إلى مشيئتها بقوله كيف شئت إلا أن في غير المدخول بها وفي العتق لا مشيئة لها في الصفة بعد إيقاع الأصل فيلغو تفويضه المشيئة في الصفة إليها أيضا وفي المدخول بها لها المشيئة في الصفة بعد وقوع الأصل أن تجعلها بائنا أو ثلاثة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى على ما أمليناه في كتاب الدعوى فيصح تفويضه إليها فإن شاءت في مجلسها أن تكون بائنة أو ثلاثا جاز ذلك إذا نوى الزوج ما شاءت .
وإن نوى الزوج الواحدة البائنة فشاءت الثلاثة فقد شاءت غير ما نوى فلهذا كان الواقع عليها تطليقة رجعية توضيحه أن الاستخبار عن وصف الشيء وحاله لما كان من ضرورته وجود أصله تقدم وقوع أصل الطلاق في ضمن تفويضه المشيئة في الصفة إليها فإن الاستخبار عن وصف الشيء قبل وجود أصله محال كما قال القائل يقول خليلي كيف صبرك بعدنا فقلت وهل صبر فيسأل عن كيف بخلاف قوله كم شئت لأن الكمية استخبار عن العدد فيقتضي تفويض العدد إلى مشيئتها وأصل العدد في المعدودات الواحد وبخلاف قوله حيث شئت وأين شئت لأنه عبارة عن المكان .
والطلاق إذا وقع في مكان يكون واقعا في الأمكنة كلها فكان ذلك تعليق أصل الطلاق بمشيئتها وهذه الألفاظ كلها على المجلس لأنها لا تنبئ عن الوقت فيتوقت بالمجلس كقوله إن شئت ولو قال أنت طالق زمان شئت أو حين شئت فقامت من ذلك المجلس لم تبطل المشيئة لأن زمان وحين عبارة عن الوقت فكأنه قال أنت طالق إذا شئت أو متى شئت .
( قال ) ( وإذا قال أنت طالق أمس إن شئت فلها المشيئة في ذلك المجلس ) لأنه لو لم يقل إن شئت كان يقع الطلاق عليها في الحال وكان قوله