المخاطب ما لم يعلم به كخطاب الشرع لأنه لا تمكن له من الامتثال ما لم يعلم والتكليف بحسب الوسع .
وعلى هذا قال في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله تعالى إذا جعل طلاق امرأته إلى رجل غائب فطلقها ذلك الرجل قبل أن يعلم بالتفويض إليه لم يقع في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن حكم ذلك الخطاب لا يثبت في حقه ما لم يعلم به ألا ترى أنه لو كان قال له طلقها إن شئت كان له مجلس علمه فما لم يعلم لا يبطل بقيامه ولكن زفر رحمه الله تعالى يقول الموقع للطلاق معبر لا يلحقه في ذلك عهدة وإنما يتوقف حكم الطلاق في حقه على علمه لدفع الضرر عنه ولا ضرر عليه هنا فيقع الطلاق بايقاعه .
( قال ) ( ولو قال لامرأته طلقي نفسك ثم نهاها فطلقت نفسها قبل أن تقوم من مجلسها وقع الطلاق ) لأن ذلك في حقها تمليك لا إرسال وتوكيل وكما يتم إيقاع الطلاق بالزوج إذا أوقع على وجه لا يملك الرجوع عنه فكذلك يتم التمليك به على وجه لا يملك الرجوع عنه أو هذا في معنى التعليق بمشيئتها أو تخييره لها فلا يملك الرجوع عنه بعد تمامه .
( قال ) ( ولو قال لها إن شئت فأنت طالق فقالت نعم كان هذا باطلا ) لأن الشرط مشيئتها وقولها نعم ليس بمشيئة منها للطلاق فما لم يوجد الشرط بقولها شئت لا يقع عليها شيء وكذلك لو قالت قد قبلت لأن قبولها ليس بمشيئة للطلاق .
( قال ) ( ولو قال لرجلين إذا شئتما ففلانة طالق ثلاثا فشاء أحدهما واحدة والآخر اثنتين لم يقع عليها شيء ) لأن الشرط مشيئتهما الثلاث ولم يشأ أحد منهما الثلاث وبدون تمام الشرط لا ينزل الجزاء .
( قال ) ( ولو قال لها أنت طالق إذا شئت وشاء فلان فقالت قد شئت إن شاء فلان وقال فلان قد شئت كان هذا باطلا ) لأن الشرط مشيئتها ولم يوجد لأنها علقت مشيئتها بمشيئة فلان وقد بينا أن مثل هذا التعليق لا يكون مشيئة منها وبمشيئة فلان إنما وجد بعض الشرط .
وإن قال لها إن شئت فأنت طالق ثلاثا ثم قال لأخرى طلاقك مع طلاق هذه ثم شاءت تلك الطلاق طلقت وطلقت هذه معها ثلاثا إن كان أراد بقوله الطلاق لأنه علق طلاق الأولى بمشيئتها فقوله للأخرى طلاقك مع طلاق هذه كلام محتمل يجوز أن يكون المراد طلاقك مع طلاق هذه في ملكي ويجوز أن يكون المراد طلاقك مع طلاق هذه متعلق بذلك الشرط فينوي في ذلك فإن نوى الطلاق وقع عليهما بمشيئة الأولى .
وإن قال لم أنو الطلاق كان مدينا في القضاء لكون كلامه محتملا .
وإن قال إذا شئت فأنت طالق ثم قال لامرأة له أخرى أنت طالق إذا طلقت فلانة ثم شاءت