قال لها كلما شئت فأنت طالق ثلاثا فقالت شئت واحدة فهذا باطل ) لأن معنى كلامه كلما شئت الثلاث ولو قال كلما شئت فأنت طالق واحدة أو قال فأنت طالق ولم يقل واحدة فشاءت الثلاث لم يقع عليها شيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما تقع واحدة وقد بينا هذا ولو قالت قد شئت أمس تطليقة وكذبها الزوج فالقول قول الزوج لأنها أخبرت بما لا تملك إنشاءه فإنها أخبرت بمشيئة كانت منها أمس ولا يبقى لها ذلك بعد مضي أمس .
( فإن قيل ) أليس أنها لو شاءت في الحال يصح منها فقد أخبرت بما تملك إنشاءه .
( قلنا ) لا كذلك فالمشيئة في الحال غير المشيئة في الأمس وكل مشيئة شرط تطليقة فهي لا تملك إنشاء ما أخبرت به إنما تملك إنشاء شيء آخر وهو بمنزلة قوله لها أنت طالق إن دخلت الدار اليوم أو إن كلمت فلانا غدا فقالت في الغد قد كنت دخلت الدار أمس لا يقبل قولها وإن كانت تملك الإيقاع في الحال بأن تكلم فلانا ولو قالت قد شئت أن أكون طالقا غدا كان ذلك باطلا لأنه فوض إليها التنجيز فلا تملك الإضافة إلى وقت منتظر كما لا تملك التعليق بالشرط .
( قال ) ( وإذا قال لامرأتيه إن شئتما فأنتما طالقان فشاءت إحداهما دون الأخرى كان باطلا عندنا ) وقال زفر رحمه الله تعالى تطلق التي شاءت لأنه لو خاطبها بالطلاق مطلقا كان كلامه متناولا كل واحدة منهما فكذلك إذا خاطبهما بطلاق معلق بالمشيئة يصير كأنه قال لكل واحدة منهما أنت طالق إن شئت ولكنا نقول معنى قوله إذا شئتما أي شئتما طلاقكما فبمشيئة إحداهما وجد بعض الشرط وبوجود بعض الشرط لا ينزل شيء من الجزاء كما إذا قال إذا دخلتما هذه الدار أو كلمتما فلانا ففعلت إحداهما دون الأخرى .
وعلى هذا لو شاءتا إيقاع الطلاق على إحداهما دون الأخرى لم تطلق لأن الشرط مشيئتهما طلاقهما فبمشيئتهما طلاق إحداهما يوجد بعض الشرط وكذلك لو ماتت إحداهما ثم شاءت الأخرى الطلاق كان ذلك باطلا لأنه تحقق فوات بعض الشرط بموت إحداهما وكذلك هذا في الأجنبيتين وكذلك في المحبة إذا قال إن أحببتما أن أطلقكما فأحبتا طلاق إحداهما لم يقع شيء .
( قال ) ( قال رجل لامرأته شائي طلاقك ينوي الطلاق فقالت قد شئت فهي طالق فإن لم يكن له نية فليس بطلاق ) لما بينا أن مشيئتها من عمل قلبها كاختيارها وهذا بمنزلة قوله اختاري الطلاق فقالت قد اخترت وهناك إن نوى الزوج الإيقاع يقع فكذلك هنا لأنه يحتمل أن يكون مراده اختاري الطلاق لأطلقك أو اختاري فتكوني طالقا فاعتبر نية الإيقاع فيه فكذلك