لأنه لا تأثير لعقد المعاوضة إلا في استحقاق العوض المسمى به .
والدليل عليه أنه لو كان لأحدهما على الآخر دين واجب بسبب آخر أو عين في يده لا يسقط شيء من ذلك بالخلع والمبارأة فكذلك الحقوق الواجبة عليه بالنكاح .
والدليل عليه أن نفقة عدتها لا تسقط وهي من الحقوق الواجبة بالنكاح فكذلك المهر بل أولى لأن النفقة أضعف .
وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول المقصود بهذا العقد لا يتم إلا باسقاط الحقوق الواجبة بالنكاح فلا تمام هذا المقصود يتعدى حكم هذا العقد إلى الحقوق الواجبة بالنكاح لكل واحد منهما وهذا لأن الخلع إنما يكون عند النشوز وسبب النشوز الوصلة التي بينهما بسبب النكاح فتمام انقطاع المنازعة .
والنشوز إنما يكون بإسقاط ما وجب باعتبار تلك الوصلة وفي لفظهما ما يدل عليه فإن المبارأة مشتقة من البراءة والخلع من الخلع وهو الانتزاع يقول الرجل خلعت الخف من الرجل إذا قطعت ما بينهما من الوصل من كل وجه .
فأما إذا كان العقد بلفظ الطلاق فقد روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه يسقط الحقوق الواجبة أيضا بالنكاح لإتمام المقصود وفي ظاهر الرواية ليس في لفظ الطلاق ما يدل على إسقاط الحقوق الواجبة بالنكاح فلهذا لا تسقط فأما سائر الديون فوجوبها ما كان بسبب وصلة النكاح والنشوز والمنازعة لم يتحقق فيه فلهذا لا يسقط .
وأما نفقة العدة فهي غير واجبة عند الخلع إنما تجب شيئا فشيئا والخلع والمبارأة سقاط ما هو واجب بحكم النكاح في الحال .
وأبو يوسف رحمه الله تعالى أخذ في المبارأة بقول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لتحقيق معنى البراءة وفي الخلع أخذ بقول محمد رحمه الله تعالى لأنه ليس فيه معنى البراءة عن الحقوق الواجبة فجعل لفظ الخلع بمنزلة لفظ الطلاق .
وعلى هذا الأصل لو كان مهرها ألف درهم فاختلعت منه قبل الدخول على مائة درهم من مهرها فليس لها أن ترجع على الزوج بشيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى .
وفي قولهما ترجع عليه بأربعمائة .
ولو كانت قبضت الألف ثم اختلعت بمائة درهم منها لم يكن للزوج غير المائة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى .
وعندهما يرجع عليها إلى تمام النصف .
وكذلك لو كان المهر عبدا بعينه في يدها فاختلعت منه بمائة درهم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يرجع عليها بشيء من العبد .
وعندهما يرجع عليها بنصف العبد .
ولو تزوجها على ألف درهم فوهبت له النصف وقبضت النصف ثم اختلعت منه بشيء مجهول كالثوب ونحوه فإنه يرجع عليها بما دفع إليها من المهر لا بالألف التي كان أصل العقد بها لأن ثبوت حق الرجوع عند الغرور