ليحصل مقصودها كما في مسألة الأمان وكما أن المال في الأمان نادر فكذلك في الطلاق الغالب فيه الإيقاع بغير بدل وبهذا فارق البيع والإجارة لأن معنى الشرط هناك تعذر اعتباره فإنه لا يحتمل التعليق بالشرط فلهذا جعلنا حرف على بمعنى حرف الباء والدليل على أن حرف على للشرط قوله تعالى ! < إني رسول من رب العالمين حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق > ! 105 أي بشرط أن لا أقول وقال الله تعالى ! < يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا > ! 12 أي بشرط أن لا يشركن وهذا بخلاف قوله طلقني وفلانة على كذا لأنه لا غرض لها في طلاق فلانة لتجعل ذلك كالشرط منها ولها في اشتراط إيقاع الثلاث غرض صحيح كما بينا وإن طلقها ثلاثا في هذه المسألة متفرقات في مجلس واحد فالألف لازمة عليها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قياسا واستحسانا لأن شيئا من البدل لم يجب بإيقاع الأولى والثانية والمجلس الواحد يجمع الكلمات المتفرقة وعندهما على القياس والاستحسان الذي بينا في حرف الباء .
( قال ) ( وإذا طلق الرجل امرأته وهي في العدة بعد الخلع على جعل وقع الطلاق ولم يثبت الجعل وكذلك البائنة بعد الخلع ) يعني إذا قال لها أنت بائن ثم طلقها على جعل في العدة لأنها باعتبار قيام العدة محل للطلاق والطلاق يجعل تعليقا من الزوج بشرط القبول وقد قبلت ولا يجب عليها الجعل لأن وجوب الجعل عليها باعتبار زوال ملك الزوج عنها وذلك لا يحصل بعد البينونة ولكن امتناع وجوب المقبول لا يمنع صحة القبول في حكم وقوع الطلاق كما لو خالعها ببدل فاسد كالخمر والخنزير .
( قال ) ( وإن قال لها بعد البينونة خلعتك ينوي به الطلاق لم يقع ) لأن هذا اللفظ بمنزلة لفظ البينونة والحرمة وقد بينا أن ذلك لا يعمل في العدة بعد الفرقة فكذلك لفظ الخلع ألا ترى أن الواقع بلفظ الخلع يكون بائنا وإن لم يذكر البدل بمقابلته بخلاف الواقع بلفظ الطلاق .
ولو قال كل امرأة لي طالق لم تطلق هذه المبانة إلا أن يعنيها فإن عناها طلقت لأنه أوقع بهذا اللفظ على كل امرأة هي مضافة إليه مطلقا وهي المنكوحة فإنها تضاف إليه ملكا ويدا فأما المبانة تضاف إليه يدا لا ملكا فكانت مقيدة فلا تدخل تحت المطلق .
إلا أن يعنيها كما لو قال كل مملوك لي فهو حر لا يدخل المكاتب فيه إلا أن يعنيه ولا يقع شيء من الطلاق بعد انقضاء العدة لأنه ليس له عليها ملك ولا يد وبدونهما لا تكون محلا لإضافة الطلاق إليها لأن الإيقاع تصرف منه على المحل فيستدعي ولايته على المحل .
( قال ) ( وإن طلقها على جعل بعد الطلاق الرجعي جاز ولزمها الجعل ) لأن زوال الملك لا يحصل بهذا