هذا المبتدع فما كان التثويب على عهد رسول الله إلا في صلاة الفجر ولأن صلاة الفجر تؤدى في حال نوم الناس ولهذا خصت بالتطويل في القراءة فخصت أيضا بالتثويب لكي لا تفوت الناس الجماعة وهذا المعنى لا يوجد في غيرها .
وفسره الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى قال يؤذن للفجر ثم يقعد بقدر ما يقرأ عشرين آية ثم يثوب ثم يقعد مثل ذلك ثم يقيم لحديث بلال رضى الله تعالى عنه أن النبي قال له إذا أذنت فأمهل الناس قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر من قضاء حاجته وإنما استحسن التثويب لأن الدعاء إلى الصلاة في الأذان كان بهاتين الكلمتين فيستحسن التثويب بهما أيضا هذا اختيار المتقدمين .
وأما المتأخرون فاستحسنوا التثويب في جميع الصلوات لأن الناس قد ازداد بهم الغفلة وقلما يقومون عند سماع الأذان فيستحسن التثويب للمبالغة في الإعلام ومثل هذا يختلف باختلاف أحوال الناس .
وقد روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قال لا بأس بأن يخص الأمير بالتثويب فيأتى بابه فيقول السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين الصلاة يرحمك الله لأن الأمراء لهم زيادة اهتمام بأشغال المسلمين ورغبة في الصلاة بالجماعة فلا بأس بأن يخصوا بالتثويب وقد روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه لما كثر اشتغاله نصب من يحفظ عليه صلاته غير أن محمدا رحمه الله تعالى كره هذا وقال أفا لأبي يوسف حيث خص الأمراء بالذكر والتثويب لما روي أن عمر رضي الله تعالى عنه حين حج أتاه مؤذن مكة يؤذنه بالصلاة فانتهره وقال ألم يكن في أذانك ما يكفينا .
قال ( ويترسل في الأذان ويحدر في الإقامة ) لحديث جابر رضى الله تعالى عنه أن النبي قال لبلال إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر ولأن المقصود من الأذان الإعلام فالترسل فيه أبلغ في الإعلام والمقصود من الإقامة إقامة الصلاة فالحدر فيها أبلغ في هذا المقصود .
قال ( فإن ترسل فيهما أو حدر فيهما أو ترسل في الإقامة وحدر في الأذان أجزأه ) لأنه أقام الكلام بصفة التمام وحصل المقصود وهو الإعلام فترك ما هو زينة فيه لا يضره .
قال ( ويجوز الأذان والإقامة على غير وضوء ويكره مع الجنابة حتى يعاد أذان الجنب ولا يعاد أذان