من قوله أنت طالق واحدة يوجد وقت موصوف بأنه لم يطلقها فيه وإن لطف وذلك يكفي شرطا للحنث .
ولكنه استحسن فقال البر مراد الحالف ولا يتأتى له البر إلا بعد أن يجعل هذا القدر مستثنى وما لا يستطاع الامتناع عنه يجعل عفوا .
وأصل المسألة فيما إذا قال إن ركبت هذه الدابة وهو راكبها فأخذ في النزول في الحال ولو سكت ساعة ثم قال أنت طالق واحدة فقد طلقت ثلاثا قبل قوله واحدة وهذا لأن السكوت فيما بين الكلامين يستطاع الامتناع عنه .
وعلى هذا لو قال ما لم أقم من مقعدي هذا فأنت طالق إن قام كما سكت لم تطلق استحسانا وإن سكت هنيهة طلقت ولو قال أنت طالق حين لم أطلقك ولا نية له فهي طالق كما سكت لأن حرف لم عبارة عن الماضي وقد مضى حين لم يطلقها فيه فكان الوقت المضاف إليه الطلاق موجودا كما سكت .
وكذلك لو قال زمان لم أطلقك أو يوم لم أطلقك أو حيث لم أطلقك لأن حرف حيث عبارة عن المكان وكم من مكان لم يطلقها فيه ولو قال حين لا أطلقك لا تطلق في الحال لأن حرف لا للاستقبال .
وإن نوى بحين وقتا يسيرا أو طويلا تعمل نيته وإن لم يكن له نية فهو على ستة أشهر فما لم تمض ستة أشهر بعد يمينه لا تطلق لأن حين تستعمل بمعنى ساعة قال الله تعالى ! < حين تمسون وحين تصبحون > ! 17 أي وقت الصباح والمساء وتستعمل بمعنى قيام الساعة قال الله تعالى ! < تمتعوا حتى حين > ! 43 وتستعمل بمعنى أربعين سنة قال الله تعالى ! < هل أتى على الإنسان حين من الدهر > ! 1 وتستعمل بمعنى ستة أشهر قال الله تعالى ! < تؤتي أكلها كل حين > ! 25 فإذا نوى شيئا كان المنوي من محتملات لفظه وإن لم ينو شيئا كان على ستة أشهر هكذا قال بن عباس رضي الله عنهما حين سئل عمن حلف لا يكلم فلانا حينا قال هو على ستة أشهر فإن النخلة يدرك ثمرها في ستة أشهر وقال الله تعالى ! < تؤتي أكلها كل حين > ! 25 ولأنه متى أراد به ساعة لا يستعمل فيه لفظ الحين عادة ومتى أراد به أربعين سنة أو قيام الساعة استعمل فيه لفظ الأبد فتعين ستة أشهر مرادا به .
وكذلك لو قال زمان لا أطلقك فإن لفظة حين وزمان يستعملان استعمالا واحدا يقول الرجل لغيره لم ألقك منذ حين ولم ألقك منذ زمان .
ولو قال يوم لا أطلقك فإذا مضى بعد يمينه يوم لم يطلقها فيه طلقت حتى إذا قال هذا قبل طلوع الفجر فكما غربت الشمس تطلق لأن اليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس حتى يقدر الصوم بالإمساك فيه .
( قال ) ( وإذا قال يوم أدخل دار فلان فامرأته طالق ولا نية له فدخلها ليلا أو نهارا طلقت ) لأن اليوم يستعمل بمعنى الوقت قال الله تعالى ! < ومن يولهم يومئذ دبره > !