والآخر أنثى وأحدهما أسود والآخر أبيض فتعجب من فطنته .
وإن قال لها كلما حبلت فأنت طالق فولدت بعد هذا القول من حبل حادث فقد وقعت عليها تطليقة كما حبلت لوجود الشرط وانقضت عدتها بالولادة .
ولو كان جامعها بعد الحبل قبل أن تلد منه كان ذلك منه رجعة لأن الواقع بهذا اللفظ كان رجعيا والوطء في العدة من طلاق رجعي يكون رجعة فإن حبلت مرة أخرى طلقت لأنه عقد يمينه بكلمة كلما وكذلك في الحكم الثالث .
وإن قال أنت طالق ما لم تلدي فهي طالق حين سكت لأنه جعلها طالقا في وقت لا تلد فيه بعد اليمين وكما سكت فقد وجد ذلك الوقت وكذلك في قوله ما لم تحبلي وفي قوله ما لم تحيضي إلا أن يكون ذلك منها مع سكوته فحينئذ لا يقع وهذا لأن وقوع الطلاق بحيض بزمان وهو ما بعد كلامه وقد جعلها طالقا إلى غاية وهو أن تحيض أو تحبل أو تلد فإذا وجدت الغاية متصلا بسكوته فقد انعدم الزمان الذي أوقع فيه الطلاق لأن الشيء لا يكون غاية لنفسه فلا تطلق فإذا لم يوجد ذلك مع سكوته فقد وجد الزمان الذي أوقع فيه الطلاق فتطلق .
ولو قال أنت طالق ما لم تحبلي وهي حبلى أو ما لم تحيضي وهي حائض فهي طالق كما سكت لأن صيغة كلامه لحبل وحيض حادث يقال حبلت المرأة وحاضت عند ابتداء ذلك ولم يوجد ذلك متصلا بسكوته فلهذا تطلق فإن كان يعني ما فيه من الحبل والحيض دين فيما بينه وبين الله تعالى لأن استدامة الحيض بخروج الدم منها ساعة فساعة وما يبرز منها حادث من وجه فيجوز أن يطلق عليه اسم ابتداء الحيض مجازا ولكنه خلاف الظاهر فلا يدين في القضاء ويدين فيما بينه وبين الله تعالى وأما في الحبل فلا يدين في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى لأنه لا يتجدد الحبل في مدته ساعة فساعة فلا يكون لاستدامته اسم الابتداء لا حقيقة ولا مجازا ألا ترى أنه يقال حاضت عشرة أيام ولا يقال حبلت تسعة أشهر إنما يقال حبلت ووضعت لتسعة أشهر .
وإن قال لامرأته قد طلقتك قبل أن أتزوجك فهذا باطل لأن ما ثبت باقراره كالثابت بالمعاينة ولأنه أضاف الطلاق إلى وقت لم يكن مالكا للإيقاع عليها في ذلك الوقت فكان نافيا للوقوع عليها لا مثبتا كما لو قال أنت طالق قبل أن تولدي أو تخلقي أو قبل أن أولد أو أن أخلق .
وكذلك لو قال قد طلقتك أمس وإنما تزوجها اليوم لأنه أضاف الطلاق إلى وقت لم يكن مالكا للإيقاع في ذلك الوقت .
وإن كان تزوجها قبل أمس طلقت للحال لأنه أضاف إلى وقت كان مالكا للإيقاع في ذلك الوقت فكان كلامه معتبرا