الحنث في اليمين الأولى ألا ترى أنه لو قال لزينب بعد الكلام الأول إن دخلت الدار فأنت طالق كانت عمرة طالقا لأنه قد حلف بطلاق زينب فإن الشرط والجزاء يمين عند أهل الفقه وقد وجد فصار به حانثا في اليمين الأولى .
( قال ) ( ولو قال لزينب أنت طالق إن شئت لم تطلق عمرة ) لأن هذا ليس بيمين بل هو تفويض المشيئة إليها بمنزلة قوله اختاري أو أمرك بيدك وذلك لا يكون حلفا بالطلاق ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نساءه مع نهيه عن الحلف بالطلاق والدليل على أنه بمنزلة التخيير أنه يبطل بقيامها عن المجلس قبل المشيئة والشرط المطلق لا يتوقت بالمجلس وحقيقة المعنى فيه أن الشرط منفي فإن الحالف يقصد منع الشرط بيمينه .
وفي قوله أنت طالق إن شئت لا يقصد منعها عن المشيئة فعرفنا أنه ليس بيمين وكذلك لو قال لزينب أنت طالق إذا حضت حيضة فهذا ليس بيمين عندنا ولا يحنث به في اليمين بطلاق عمرة لأن هذا تفسير لطلاق السنة فإن بهذا اللفظ لا يقع الطلاق عليها ما لم تطهر لأن الحيضة اسم للحيضة الكاملة وطلاق السنة يتأخر إلى حالة الطهر فكأنه قال لها أنت طالق للسنة .
وعن زفر رحمه الله تعالى أن هذا يمين لوجود الشرط والجزاء وليس بتفسير لطلاق السنة ألا ترى أنه لو جامعها في هذه الحيضة ثم طهرت طلقت ولو قال لها أنت طالق للسنة ثم جامعها في الحيض فطهرت لم تطلق وكذلك لو قال لها إذا حضت حيضتين أو إذا حضت ثلاث حيض لم يكن شيء من ذلك حلفا بطلاقها بخلاف ما لو قال لها إذا حضت فهذا حلف بطلاقها حتى تطلق عمرة لأن بهذا اللفظ يقع الطلاق في الحيض قبل الطهر فلا يكون تفسيرا لطلاق السنة .
فإن قيل هذا تفسير لطلاق البدعة ولو قال أنت طالق للبدعة لم يكن حالفا بطلاقها .
( قلنا ) ليس كذلك فطلاق البدعة لا يختص بالحيض وهذا الطلاق لا يقع إلا في حالة الحيض فعرفنا أنه شرط وجزاء .
( قال ) ( وإذا قال لامرأته أنت طالق ثلاثا للسنة ولا نية له فكلما حاضت وطهرت طلقت واحدة حتى تستكمل الثلاث ) لأن قوله للسنة أي لوقت السنة فإن اللام للوقت قال الله تعالى ! < أقم الصلاة لدلوك الشمس > ! 78 وكل طهر محل لوقوع تطليقة واحدة للسنة فلهذا طلقت في كل طهر واحدة ولا يحتسب بالحيضة الأولى من عدتها لأنها سبقت وقوع الطلاق عليها .
وإن نوى أن تطلق ثلاثا في الحال فهو كما نوى عندنا .
وعند زفر رحمه الله تعالى لا تعمل نيته لأن وقوع الثلاث جملة خلاف السنة ووقوع الطلاق في الحيض أو في طهر قد جامعها فيه خلاف السنة