فلا طلاق قبله وعلى قول بن أبي ليلى رحمه الله تعالى إن خص امرأة أو قبيلة انعقدت اليمين وإن عم فقال كل امرأة لا تنعقد وهو قول بن مسعود رضي الله عنه لما فيه من سد باب نعمة النكاح على نفسه فالشافعي رحمه الله تعالى استدل بقوله صلى الله عليه وسلم لا طلاق قبل النكاح وروي أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما خطب امرأة فأبى أولياؤها أن يزوجوها منه فقال إن نكحتها فهي طالق ثلاثا فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلوات الله عليه وسلامه لا طلاق قبل النكاح .
والمعنى فيه أنه غير مالك لتنجيز الطلاق فلا يملك تعليقه بالشرط كما لو قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم تزوجها فدخلت لم تطلق وهذا لأن تأثير الشرط في تأخير الوقوع إلى وجوده ومنع ما لولاه لكان طلاقا وهذا الكلام لولا الشرط لكان لغوا .
لا طلاقا ولأن الطلاق يستدعي أهلية في الموقع وملكا في المحل .
ثم قبل الأهلية لا يصح التعليق مضافا إلى حالة الأهلية كالصبي يقول لامرأته إذا بلغت فأنت طالق فكذلك قبل ملك المحل لا يصح مضافا وبهذا تبين أنه تصرف يختص بالملك فإيجابه قبل الملك يكون لغوا كما لو باع الطير في الهواء ثم أخذه قبل قبول المشتري .
وحجتنا في ذلك أن التعليق بالشرط يمين فلا تتوقف صحته على ملك المحل كاليمين بالله تعالى وهذا لأن اليمين تصرف من الحالف في ذمة نفسه لأنه يوجب على نفسه البر والمحلوف به ليس بطلاق لأنه لا يكون طلاقا إلا بالوصول إلى المرأة وما دامت يمينا لا يكون واصلا إليها وإنما الوصول بعد ارتفاع اليمين بوجود الشرط فعرفنا أن المحلوف به ليس بطلاق وقيام الملك في المحل لأجل الطلاق ولكن المحلوف به ما سيصير طلاقا عند وجود الشرط بوصوله إليها ونظيره من المسائل الرمي عينه ليس بقتل والترس لا يكون مانعا عما هو قتل ولا مؤخرا له بل يكون مانعا عما سيصير قتلا إذا وصل إلى المحل ولما كان التعليق مانعا من الوصول إلى المحل والتصرف لا يكون إلا بركنه ومحله فكما أنه بدون ركنه لا يكون طلاقا فكذلك بدون محله لا يكون طلاقا .
وبه فارق ما لو قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق فإن المحلوف به هناك غير موجود وهو ما يصير طلاقا عند وجود الشرط لأن دخول الدار ليس بسبب لملك الطلاق ولا هو مالك لطلاقها في الحال حتى يستدل به على بقاء الملك عند وجود الشرط أما هنا نتيقن بوجود المحلوف به موجودا بطريق الظاهر بأن قال لامرأته