إيقاع مبتدأ في الظاهر والقاضي مأمور باتباع الظاهر ولكن يحتمل تكرار الأول والله تعالى مطلع على ضميره فيدين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يسع المرأة إذا سمعت ذلك أن تقيم معه لأنها مأمورة باتباع الظاهر كالقاضي ولو قال نويت بالأولى الطلاق وبالآخرتين العدة فهو مصدق في القضاء لأن ظاهر كلامه أمر بالاعتداد والأمر بالاعتداد يستقيم بعد وقوع التطليقة فكان مصدقا في القضاء وفي الحاصل هذه المسألة على اثني عشر وجها وقد بينا ذلك في شرح الجامع الصغير وإن قال لها أنت طالق فاعتدي وأراد بقوله فاعتدي العدة فهو مصدق في القضاء لأن الأمر بالاعتداد مستقيم بعد وقوع التطليقة الواحدة وإن أراد تطليقة أخرى أو لم ينو شيئا فهي أخرى لأنها ذكرت بعد مذاكرة الطلاق وإن أراد به ثنتين فهي واحدة رجعية لأن نية العدد لا تسع في هذا اللفظ وكذلك قوله أنت طالق واعتدي .
( قال ) ( وإذا قالت المرأة لزوجها طلقني فقال اعتدي ثم قال لم أنو به الطلاق لم يصدق في القضاء عندنا ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى يصدق لأنه لو ذكر هذا اللفظ قبل سؤالها الطلاق لم يعمل إلا بنية الطلاق فكذلك بعد سؤالها لأن العامل لفظ الزوج ولفظه لا يختلف بسؤالها وعدم سؤالها ويجوز أن يكون مراده اعتدي نعمتي عليك ولا تشتغلي بسؤال الطلاق فإنه كفران النعمة .
ولكنا نقول هذا الكلام بعد سؤال الطلاق لا يراد به إلا الطلاق عادة والقاضي مأمور باتباع الظاهر وما هو المعتاد ثم الكلام الواحد قد يكون مدحا وقد يكون ذما وإنما يتبين أحدهما عن الآخر بالمقدمة ودلالة الحال فإن لم تعتبر دلالة الحال لا يتميز المدح من الذم .
إذا عرفنا هذا فنقول الأحوال ثلاثة حال مذاكرة الطلاق وحال الغضب وحال الرضا فأما في حال مذاكرة الطلاق لا يدين في القضاء في شيء من الألفاظ التي ذكرناها بل يحمل على الجواب لما تقدم في سؤالها ويكون ما تقدم في السؤال كالمعاد في الجواب .
وفي حالة الغضب لا يدين في ثلاثة ألفاظ .
اعتدي واختاري وأمرك بيدك لأن هذه الألفاظ لا تحتمل معنى السب والإيعاد .
وعند الغضب إما أن يكون مراده السب أو الطلاق فإذا لم يكن في اللفظ احتمال معنى السب تعين الطلاق مرادا به وفي خمسة ألفاظ يدين في القضاء وهي قوله أنت بائن حرام بتة خلية برية لأن هذه الألفاظ تحتمل معنى السب أي أنت بائن من الدين برية من الإسلام خلية من الخير حرام الصحبة والعشرة بتة عن الأخلاق الحسنة فلا يتعين الطلاق مرادا به .
فإذا قال أردت السب كان