باعتبار معنى العموم لأنه تفويض والتفويض قد يكون عاما وقد يكون خاصا والمفوض إليها بهذا اللفظ طلاق وذلك ثابت في هذا اللفظ لغة والطلاق بمنزلة أسماء الأجناس يحتمل العموم والخصوص فتعمل نيته في العموم .
ولسنا نقول في قوله ثلاثا أنه نصب على التفسير بل هو منصوب بنزع حرف الخافض عنه معناه بثلاث كقوله ! < ما هذا بشرا > ! أو هو منصوب على طريق البدل عن مصدر محذوف ومعناه طلاقا ثلاثا وبأن صح الاستفسار عن العدد في الحكاية فذلك لا يدل على أنه من محتملات اللفظ كما يصح الاستفسار عن الشرط والبدل .
وأما إذا قال أنت طالق طلاقا فقد روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه لا تعمل نية الثلاث فيه لأن المصدر يذكر لتأكيد الكلام يقال أكلت أكلا وقمت قياما فلا تسع فيه نية الثلاث ثم ولئن صحت نية الثلاث فلا تصح باعتبار العدد بل باعتبار معنى العموم لأن المصدر يحتمل الكثرة قال الله تعالى ! < وادعوا ثبورا كثيرا > ! 14 ولأن المصدر يضارع الاسم فكان هذا وقوله أنت طالق الطلاق سواء وتصح نية الثلاث في قوله الطلاق لأنه من أسماء الأجناس محتمل للعموم والخصوص ولأن الألف واللام لاستغراق الجنس فيما لا معهود فيه .
وكذلك قوله أنت الطلاق فمعناه أنت طالق الطلاق حتى تسع فيه نية الثلاث وقد يذكر المصدر ويراد به الفعل يقال إنما هو اقبال وإدبار على سبيل النعت للمقبل والمدبر .
وعلى هذا لو قال أنت الطلاق يقع به الطلاق بمنزلة قوله أنت طالق .
وذكر بن سماعة رحمه الله تعالى أن الكسائي رحمه الله تعالى بعث إلى محمد رحمه الله تعالى بفتوى فدفعها إلي فقرأتها عليه ما قول القاضي الإمام فيمن يقول لامرأته فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم فأنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم كم يقع عليها فكتب في جوابه إن قال ثلاث مرفوعا تقع واحدة وإن قال ثلاث منصوبا يقع ثلاث لأنه إذا ذكره مرفوعا كان ابتداء فيبقى قوله أنت طالق فتقع واحدة وإن قال ثلاثا منصوب على معنى البدل أو على التفسير يقع به ثلاث .
( قال ) ( ولو قال لامرأته سرحتك أو فارقتك ولم ينو الطلاق لم يقع شيء عندنا ) وعند الشافعي رضي الله عنه يقع الطلاق وهما صريح عنده لأن كتاب الله تعالى ورد بهما في قوله تعالى ! < وسرحوهن > ! .
ولكنا نقول الصريح ما يكون مختصا بالإضافة إلى النساء فلا يستعمل في غير النكاح وهذا لا يوجد في هذين اللفظين