والذي يقول أن المثنى أحوط فذلك لا يوجب حل نظر الثانية ولكن إن اتفق ذلك كان أحوط فأما من يشترط العدد يوجب نظر الجماعة ونظر الواحدة أهون ثم هذا خبر من وجه شهادة من وجه لاختصاصها بمجلس الحكم وما تردد بين أصلين يوفر حظه عليهما فلاعتباره بالشهادة تعتبر فيه الحرية ولفظة الشهادة ولاعتباره بالخبر لا يعتبر فيه الذكورة والعدد فإذا ثبت ما قلنا فإنما يثبت بشهادتها الولادة وما هو من ضرورة الولادة وهو عين الولد ثم النسب إنما يثبت باعتبار الفراش القائم بمنزلة ما لو أقر الزوج بولادتها وقال ليس الولد مني يثبت النسب بالفراش القائم ولا ينتفي إلا باللعان .
( قال ) ( وإذا أقرت المطلقة بانقضاء عدتها بالحيض في مدة يحيض فيه مثلها ثلاث حيض ثم جاءت بالولد فإذا جاءت به لأقل من ستة أشهر ثبت النسب لتيقننا بكذبها فيما قالت وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر من وقت اقرارها لم يثبت النسب عندنا ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى يثبت النسب منه ما لم تتزوج ثم تأتي به لستة أشهر لأن ثبوت النسب لحق الولد وقولها في إبطال حقه غير مقبول فكان وجود إقرارها كعدمه بخلاف ما إذا تزوجت لأن الحق في النسب هناك ثبت للزوج الثاني فينتفي من الأول ضرورة وحجتنا في ذلك أنها أمينة في الإخبار بما في رحمها فإذا أخبرت بانقضاء عدتها وهو ممكن وجب قبول خبرها ثم إذا جاءت بالولد بعد ظهور انقضاء عدتها بمدة حبل تام فلا يثبت النسب منه كما لو تزوجت وهذا لأن حمل كلامها على الصحة واجب ما أمكن .
( قال ) ( ولو طلق امرأته ولم يدخل بها ولم يخل بها ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر لزمه ) لأنا تيقنا أن العلوق به كان قبل الطلاق وحمل أمرها على الصحة واجب ما أمكن فيجعل هذا العلوق من الزوج ويتبين لنا أنه طلقها بعد الدخول وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزمه لأن النكاح بالطلاق ارتفع لا إلى عدة وإنما جاءت بالولد لمدة حبل تام بعده وإن كان الطلاق بعد الخلوة لزمه الولد إلى سنتين لأن النكاح بالطلاق قد ارتفع إلى عدة ولما جعلنا الخلوة بمنزلة الدخول في إيجاب العدة فكذلك فيما ينبني عليه وهو ثبوت نسب الولد .
( قال ) ( وإذا طلقها وعدتها بالشهور لإياسها من الحيض فاعتدت بثلاثة أشهر ثم جاءت بولد لسنتين أو أقل من وقت الطلاق فإن النسب يثبت من الزوج سواء أقرت بانقضاء العدة أو لم تقر ) لأنها إنما أقرت بانقضاء العدة بالشهور ولما ولدت فقد تبين أنها غلطت فيما قالت لأن الآيسة لا تلد وإنما كانت هي ممتدة طهرها لا آيسة فلا تكون عدتها منقضية