لمواراة المسلم عن بصره فصار هذا أصلا إلى أن كل ما يفوت لا إلى بدل يجوز أداؤه بالتيمم مع وجود الماء وصلاة العيد تفوت لا إلى بدل لأنها لا تقضى إذا فاتت مع الإمام وكذلك صلاة الجنازة تفوت لا إلى بدل لأنها لا تعاد عندنا وكأن الخلاف مبنى على هذا الأصل والفقه فيه أن التوضؤ بالماء إنما يلزمه إذا كان يتوصل به إلى أداء الصلاة وهنا لا يتوصل بالتوضؤ إلى أداء الصلاة لأنه تفوته الصلاة لو اشتغل بالوضوء فإذا سقط عنه الخطاب باستعمال الماء صار وجود الماء كعدمه فكان فرضه التيمم وبهذا فارق صلاة الجمعة فإنه لا يتيمم لها وإن خاف الفوت لأن الوضوء هناك يتوصل به إلى الصلاة وهو الطهر الذي هو أصل فرض الوقت فكان مخاطبا باستعمال الماء وبخلاف سجدة التلاوة لأنها غير مؤقتة فلا تفوته وبالوضوء يتوصل إلى أدائها فلا يجزئه أداؤها بالتيمم لهذا .
قال ( وإن سبقه الحدث بعد ما شرع في صلاة العيد فإن كان شروعه بالتيمم تيمم وبنى بالاتفاق وإن كان شروعه بالوضوء تيمم للبناء ) عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى .
وعندهما لا يتيمم لأنه لا يخاف الفوت فإنه إذا ذهب للوضوء كان له أن يبنى وإن عاد بعد فراغ الإمام .
وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول لما جاز الافتتاح بطهارة التيمم فالبناء أجوز لأن حالة البناء أسهل وخوف الفوت قائم فربما يبتلى بالمعالجة مع الناس لكثرة ازدحامهم فتفسد صلاته ولا يصل إلى الماء حتى تزول الشمس فتفوته بمضى الوقت .
وقيل هذا الجواب بناء على جبائية الكوفة فإن الماء بعيد لا يصل إليه حتى يعود إلى المصر فأما في ديارنا الماء محيط بالمصلى فلا يتيمم للابتداء ولا للبناء لأنه لا يخاف الفوت .
وقد روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهم الله أن ولي الميت لا يصلى على الجنازة بالتيمم بخلاف غيره لأنه لا يخاف الفوت فإن الناس وإن صلوا عليها كان له حق الإعادة .
قال ( ولا يجوز التيمم من مكان قد كان فيه بول أو نجاسة وإن ذهب الأثر ) وذكر بن كاسر النخعي عن أصحابنا رضي الله تعالى عنهم أنه لا يجوز لأنه حكم بطهارة ذلك المكان حين ذهب أثر النجاسة بدليل جواز الصلاة عليها .
وجه ظاهر الرواية أن شرط جواز التيمم طيبة الصعيد كما قال الله تعالى ! < فتيمموا صعيدا طيبا > ! 43 .
وهذا المكان صار طاهرا وليس من ضرورة الطهارة الطيبة ولم يصر طيبا ثم طهارة هذا المكان ثابتة بخبر الواحد واشتراط الطهارة في الصعيد ثابت بنص مقطوع به فلا يتأدى بما يثبت بخبر الواحد كمن استقبل الحطيم في الصلاة دون البيت لا تجوز صلاته لهذا وقد قررناه .
قال ( وإن افتتح الصلاة بالوضوء ثم سبقه الحدث فلم يجد ماء تيمم وبنى ) لأن افتتاح الصلاة بالتيمم عند عدم