وبين منزلها كذلك فعليها أن ترجع إلى منزلها لأنها كما رجعت تصير مقيمة وإذا مضت تكون مسافرة ما لم تصل إلى المقصد فإذا قدرت على الامتناع من استدامة السفر في العدة تعين عليها ذلك .
وإن كان بينها وبين مقصدها دون مسيرة سفر وبينها وبين منزلها مسيرة سفر مضت إلى مقصدها ولم ترجع لأنها إذا مضت لا تكون منشئة سفرا ولا سائرة في العدة مسيرة سفر وإذا رجعت تكون منشئة سفرا فلهذا مضت إلى مقصودها وإن كان كل واحد من الجانبين مسيرة سفر .
فإن كان الطلاق أو موت الزوج في موضع لا تقدر على المقام فيه كالمفازة توجهت إلى أي الجانبين شاءت سواء كان معها محرم أو لم يكن وينبغي لها أن تختار أقرب الجانبين وهي في هذه المسألة كالتي أسلمت في دار الحرب لها أن تهاجر إلى دارنا من غير محرم .
لأنها خائفة على نفسها ودينها فهذه في المفازة كذلك .
فأما إذا كانت في مصر أو قرية تقدر على المقام فيه فليس لها أن تخرج عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى تنقضي عدتها وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى إن لم يكن معها محرم فكذلك وإن كان معها محرم فلها أن تخرج إلى أي الجانبين شاءت لأنها غريبة في هذا الموضع والغريب يؤذي ويقصد بالجفاء ومن يصبر على الأذى فكانت مضطرة إلى الخروج فلها أن تخرج إلى أي الجانبين شاءت كما لو كانت في المفازة إلا أن هذا من وجه إنشاء سفر فيعتبر فيه المحرم بخلاف تلك المسألة .
ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى طريقان ( أحدهما ) أنها إلى الآن كانت تابعة للزوج في السفر ألا ترى أن المعتبر نية الزوج في السفر والإقامة لا نيتها وقد زال ذلك فتكون هي منشئة سفرا من موضع أمن وغياث والعدة تمنعها من ذلك كما لو كانت في منزلها بخلاف المفازة فإنها ليست بموضع الإقامة فلا تكون هي في التحول منشئة سفرا وقالوا على هذا الطريق إذا كانت سافرت مع المحرم بغير زوج فأتاها خبر موت الزوج أو الطلاق لا يكون عليها عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى المقام فيه لأنها ماضية على سفرها لا منشئة .
( والطريق الآخر ) أن تأثير العدة في المنع من الخروج أكثر من عدم المحرم ألا ترى أن للمرأة أن تخرج من غير المحرم ما دون مسيرة السفر وليس لها أن تخرج من منزلها في عدتها دون مدة السفر ثم فقد المحرم هنا يمنعها من الخروج بالاتفاق فلأن تمنعها العدة من الخروج وإنها ليست في موضع مخوف أولى بخلاف ما إذا كانت في المفازة فإن فقد المحرم هناك لا يمنعها من الخروج لأنها ليست في موضع القرار فكذلك العدة حتى