في عدة الوفاة ولا يمكنها إقامة سنة الحداد إلا بعد العلم بموته ولأن هذه العدة تجب بطريق العبادة فلا بد من علمها بالسبب لتكون مؤدية للعبادة ولكنا نقول العدة مجرد مضي المدة وذلك يتحقق بدون علمها فهو وعدة الطلاق سواء وأكثر ما في الباب أنها لم تقم سنة الحداد ولكن ذلك لا يمنع من انقضاء العدة كما لو كانت عالمة بموت الزوج ومعنى العبادة في العدة تبع لا مقصود ألا ترى أنها تجب على الكتابية تحت المسلم وهي لا تخاطب بالعبادات .
( قال ) ( والمتوفى عنها زوجها إذا كانت أمة أو مكاتبة أو مدبرة أو أم ولد فإن كانت حائلا فعدتها شهران وخمسة أيام ) لأن الرق منصف للعدة كما بينا وإن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها لأن مدة الحبل لا تحتمل التنصيف فإن شيئا من المقصود وهو براءة الرحم لا يحصل قبل وضع الحمل .
( قال ) ( ولا ينبغي للمطلقة ثلاثا أو واحدة بائنة أو رجعية أن تخرج من منزلها ليلا ولا نهارا حتى تنقضي عدتها ) لقوله تعالى ! < ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة > ! 1 قال إبراهيم رضي الله عنه الفاحشة خروجها من بيتها وبه أخذ أبو حنيفة رحمه الله تعالى وقال بن مسعود رضي الله عنه الفاحشة أن تزني فتخرج لإقامة الحد وبه أخذ أبو يوسف رحمه الله تعالى وقال بن عباس رضي الله عنه الفاحشة نشوزها وأن تكون بذيئة اللسان تبذو على أحماء زوجها وما قاله بن مسعود رضي الله عنه هو الأصح فإنه جعل الفاحشة غاية والشيء لا يجعل غاية لنفسه وما ذكره إبراهيم محتمل أيضا والمعنى أن يكون خروجها فاحشة كما يقال لا يسب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون كافرا ولا يزني إلا أن يكون فاسقا وعلى هذا لا تخرج لسفر الحج ولا لغيره لأن الامتناع من الخروج موقت بالعدة يفوت بمضيها والخروج للحج لا يفوتها فتقدم ما يفوت على ما لا يفوت وأما المتوفى عنها زوجها فلها أن تخرج بالنهار لحوائجها .
ولكنها لا تبيت في غير منزلها لما روي أن فريعة بنت مالك بن أبي سنان أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنه جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها تستأذنه أن تعتد في بني خدرة فقال صلى الله عليه وسلم امكثي في بيتك حتى تنقضي عدتك .
ولم ينكر عليها خروجها للاستفتاء وعن علقمة رضي الله تعالى عنه أن اللاتي توفي عنهن أزواجهن شكون إلى بن مسعود رضي الله تعالى عنه الوحشة فرخص لهن أن يتزاورن بالنهار ولا يبتن في غير منازلهن والمعنى فيه أنه لا نفقة في هذه العدة على زوجها فهي تحتاج إلى الخروج لحوائجها في النهار وتحصيل