فإن شرط أن يحللها للأول فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى الجواب كذلك ويكره هذا الشرط وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى النكاح جائز ولكن لا تحل به للأول وعند محمد رحمه الله تعالى النكاح فاسد لقوله صلى الله عليه وسلم لعن الله المحلل والمحلل له وعقد النكاح سنة ونعمة فما يستحق به المرء اللعن لا يكون نكاحا صحيحا ولأن هذا في معنى شرط التوقيت وشرط التوقيت مبطل للنكاح ولكن أبو يوسف رحمه الله تعالى يقول هذا ليس بتوقيت في النكاح ولكنه استعجال لما هو مؤخر شرعا فيعاقب بالحرمان كمن قتل مورثه يحرم من الميراث وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول هذا الشرط وراء ما يتم به العقد فأكثر ما فيه أنه شرط فاسد والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة ثم النهي عن هذا الشرط لمعنى في غير النكاح فإن هذا النكاح شرعا موجب حلها للأول فعرفنا أن النهي لمعنى في غير المنهي عنه وذلك لا يؤثر في النكاح فلهذا ثبت الحل للأول إذا دخل بها الثاني بحكم هذا النكاح الصحيح .
( قال ) وإذا أراد أن يطلق امرأته وهي حامل طلقها واحدة متى شاء حتى أنه لا بأس بأن يطلقها عقيب الجماع لأن كراهة الإيقاع عقيب الجماع لاشتباه أمر العدة عليها وخوف الندم إذا ظهر بها حبل وذلك غير موجود هنا ولأن الحبل يزيد في رغبته فيها فيكون إيقاع الطلاق بعد ظهوره دليل عدم موافقة الأخلاق .
( قال ) فإن كان جامعها ثم أراد أن يطلقها ثلاثا فله ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ويفصل بين التطليقتين بشهر وعند محمد وزفر رحمها الله تعالى لا تطلق الحامل للسنة أكثر من واحدة وفي الكتاب قال بلغنا ذلك عن بن مسعود وجابر رضي الله تعالى عنهما والحسن البصري وقول الصحابي إذا كان فقيها مقدم على القياس والمعنى فيه أن الأصل في طلاق السنة أن يفصل بين التطليقتين بفصل محسوب من فصول العدة كما في حق ذوات الإقراء والآيسة والشهر في حق الحامل ليس بفصل محسوب من فصول العدة فلا يفصل به بين طلاقي السنة وهذا لأن الطلاق مقابل بفصول العدة ألا ترى أن عدة الأمة لما تقدرت بحيضتين ملك عليها تطليقتين وأن بسبب عدم الدخول لما انعدمت فصول العدة انعدم ملك التفريق إلا أن النكاح يعقد للدخول فلا يؤثر في ملك أصل الطلاق لهذا فعرفنا أن التفريق باعتبار فصول العدة ومدة الحبل طالت أو قصرت بمنزلة فصل واحد ألا ترى أن الاستبراء يتقدر بها وفي الفصل الواحد لا يملك تفريق الطلقات على الوجه المسنون