ولأن الأصل لا يوفى بالأبدال لأنهما لا يلتقيان كما لا يكمل التكفير بالمال بالصوم ولا العدة بالشهور بالحيض ولو قلنا يتيمم بعد استعمال الماء كان فيه رفو الأصل بالبدل ولا نقول في مسألة المخمصة أنه يلزمه مراعاة الترتيب فإن ما معه من الحلال إذا كان لا يكفيه لسد الرمق فله أن يتناول معه الميتة .
وفي سؤر الحمار الجمع بينهما عندنا للاحتياط لا لرفو الأصل بالبدل ولذلك لو أنه وجد الماء بعد التيمم فإن كان يكفيه لما خوطب به يبطل تيممه وإن كان لا يكفيه لا يبطل تيممه اعتبارا للانتهاء بالابتداء .
قال ( وإن تيمم للجنابة ثم أحدث ومعه من الماء ما يتوضأ به توضأ به ) لأن ذلك التيمم أخرجه من الجنابة إلى أن يجد ما يكفيه للاغتسال فهو الآن محدث معه من الماء ما يكفيه للوضوء فيتوضأ به فإن توضأ به ولبس خفيه ثم مر بالماء فلم يغتسل ثم حضرت الصلاة وعنده من الماء قدر ما يوضئه فإنه يتيمم لأنه لما مر بما يكفيه للاغتسال عاد جنبا كما كان فعليه أن يتيمم ولا يلزمه نزع الخف إذ لا تيمم في الرجل .
قال ( فإن تيمم ثم حضرت الصلاة الأخرى وقد سبقه الحدث فإنه يتوضأ ) لأنه بالتيمم الأول خرج من الجنابة إلى أن يجد ماء يكفيه للاغتسال ولم يجد بعد فهذا محدث معه ماء يتوضأ به فعليه أن يتوضأ وينزع خفيه لأنه لما مر بماء يكفيه للاغتسال بعد لبس الخف وجب عليه نزع الخفين فلا يكون له أن يمسح بعد ذلك وإن لم يكن مر بالماء قبل ذلك مسح على خفيه لأن اللبس حصل على طهارة كاملة ما لم يجد ما يكفيه للاغتسال فكان له أن يمسح .
قال ( وإن كان مع المحدث ماء يكفيه للوضوء غير أنه يخاف العطش تيمم ولم يتوضأ به ) هكذا قال علي وبن عباس رضي الله عنهما ولأنه يخاف الهلاك من العطش إذا استعمل الماء فكان عاجزا عن استعماله حكما بمنزلة ما لو كان بينه وبين الماء عدو أو سبع وقد بينا أن حرمة النفس لا تكون دون حرمة المال .
قال ( وإذا تيمم المسافر والماء منه قريب وهو لا يعلم به أجزأه تيممه به ) لأنه عاجز عن استعمال الماء حين عدم آلة الوصول إليه وهو العلم به فهو كما لو كان على رأس البئر وليس معه آلة الاستقاء فله أن يتيمم .
ولم يفسر حد القرب في ظاهر الرواية في حالة العلم به والمروي عن محمد رحمه الله تعالى قال إذا كان بينه وبين الماء دون ميل لا يجزئه التيمم وإن كان ميلا أو أكثر أجزأه التيمم والميل ثلث فرسخ .
وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى إذا كان الماء أمامه يعتبر ميلين وإن كان يمنة أو يسرة فميل واحد لأن الميل للذهاب ومثله في الرجوع فكان ميلين .
وقال