ذلك بالاستخدام وللأم والجدتين حق الاستخدام وليس لغيرهن ممن سمينا حق الاستخدام ولا يحصل مقصود تعليم الأعمال إلا بذلك فلهذا أخذ منهن ثم بعد ما استغنى الغلام أو حاضت الجارية عند الأم والجدتين أو استغنت عند غيرهن فالأب أحق بالولد ثم بعده الجدات لأب ثم الأخ من الأب والأم ثم الأخ من الأب لأن ولاية الضم إلى نفسه بعد هذا باعتبار العصوبة فمن يكون مقدما في العصوبة من ذي الرحم المحرم أولى بذلك وقد بينا ترتيب العصبات في أول الكتاب ولا حق لابن العم في ذلك لأنه رحم غير محرم فلا يؤمن منه أن يطمع فيها فلهذا لا يكون له أن يضمها وأن كانت ولاية التزويج له باعتبار العصوبة ( قال ) وإذا اجتمع أخوة لأب وأم فأفضلهم صلاحا وورعا أحق به لأن ضمه إلى أقرب العصبات لمنفعة الولد ولهذا قدم الأقرب وضمه إلى أبينهم صلاحا أنفع للولد لأنه يتخلق بأخلاقه فإن كانوا في ذلك سواء فأكبرهم أحق لقوله صلى الله عليه وسلم الكبر الكبر ولأن حق أكبرهم أسرع ثبوتا فعند التعارض يترجح ذلك وكذلك الأعمام بعد الأخوة ثم الغلام إذا بلغ رشيدا فله أن ينفرد بالسكنى وليس للأب أن يضمه إلى نفسه إلا أن يكون مفسدا مخوفا عليه فحينئذ له أن يضمه إلى نفسه اعتبارا لنفسه بماله فإنه بعد ما بلغ رشيدا لا يبقى للأب يد في ماله فكذلك في نفسه وإذا بلغ مبذرا كان للأب ولاية حفظ ماله فكذلك له أن يضمه إلى نفسه أما لدفع الفتنة أو لدفع العار عن نفسه فإنه يعير بفساد ولده فأما الجارية إذا كانت بكرا فللأب أن يضمها إلى نفسه بعد البلوغ لأنها لم تختبر الرجال فتكون سريعة الانخداع فأما إذا كانت ثيبا فلها إن تنفرد بالسكنى لأنها قد اختبرت الرجال وعرفت كيدهم ومكرهم فليس للأب أن يضمها إلى نفسه بعد البلوغ لأن ولايته قد زالت بالبلوغ وإنما بقي حق الضم في البكر لأنها عرضة للفتنة وللانخداع وذلك غير موجود في حق الثيب والأصل فيه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس للولي مع الثيب أمر وقال صلى الله عليه وسلم الثيب أحق بنفسها من وليها يعني في التفرد بالسكنى ولكن هذا إذا كانت مأمونة على نفسها وذكر في كتاب الطلاق أن الثيب إذا كانت مخوفة على نفسها لا يوثق بها فللأب أن يضمها إلى نفسه لبقاء الخوف وقد بينا أن ولاية الضم في البكر لكونها مخوفا عليها فإذا وجد ذلك في حق الثيب كان له أن يضمها إلى نفسه وإما البكر فإن لم يكن لها أب ولا جد وكان لها أخ أو عم فله أن يضمها إليه أيضا لأنه مشفق عليها فيقوم بحفظها وإن كانت لا تبلغ شفقته