أقدر وإذا دفعت إلى الأب اختلطت بالرجال فيقل حياؤها والحياء في النساء زينة وإنما يبقى ذلك إذا كانت تحت ذيل أمها فكانت أحق بها حتى تحيض فإذا بلغت احتاجت إلى التزويج وولاية التزويج إلى الأب وصارت عرضة للفتنة ومطمعة للرجال وبالرجال من الغيرة ما ليس للنساء فيتمكن الأب من حفظها على وجه لا تتمكن الأم من ذلك وفي نوادر هشام عن محمد رحمه الله تعالى إذا بلغت حد الشهوة فالأب أحق بها للمعنى الذي أشرنا إليه وهو قوة غيرة الرجال فإن الأم ربما تخدع فتقع في فتنة ولا تشعر الأم بذلك ويؤمن ذلك على الأب فأما الغلام إذا استغنى فقد احتاج إلى تعلم أعمال الرجال والأب على ذلك أقدر واحتاج إلى من يثقفه ويؤدبه والأب هو الذي يقوى على ذلك ولأن صحبة النساء مفسدة للرجال فإذا ترك عندها ينكسر لسانه ويميل طبعه إلى طبع النساء فربما يجيء مخنثا فلهذا يدفع إلى الأب بعد ذلك وهذا مذهبنا فأما عند الشافعي رحمه الله تعالى يخير بين الأبوين فيدفع إلى من اختار الغلام صحبته لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين الأبوين ولكنا نقول في هذا بناء الإلزام والحكم على قول الصبي وذلك لا يجوز ولأن الصبي في العادة يختار ما يضره لأنه يختار من لا يؤدبه ولا يمنعه شهوته والذي روى من الأثر فقد دعى رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الغلام فقال اللهم سدده فببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار ما هو أنفع له ولا يوجد مثله في حق غيره والرضاع والنفقة على الوالد لقوله تعالى ! < فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن > ! يعني مؤنة الرضاع وهذا بخلاف حال قيام النكاح بينهما فإنها لا تستوجب الأجر على ارضاع الولد وإن استأجرها عندنا لأن في حال بقاء النكاح الرضاع من الأعمال المستحقة عليها دينا وبعد الفرقة ليس ذلك بمستحق عليها دينا ولا دينا وكما أن النفقة بعد الفطام على الأب لا يشاركه أحد في ذلك بإعتبار أن الولد جزء منه والإنفاق عليه كالإنفاق على نفسه فكذلك قبل الفطام مؤنة الرضاع عليه فإن كان يجد من يرضعه بأقل مما ترضعه المرأة ولم تأخذه المرأة بذلك استأجر الظئر لترضعه قال الله تعالى ! < وإن تعاسرتم فسترضع له > ! أخرى ولأنها قصدت الأضرار بالزوج في التحكم عليه وطلب الزيادة إلا أن الظئر تأتى فترضعه عند أمه وليس للأب أن يأخذ الولد منها لأن حق الحضانة لها فلا يملك الأب أبطال حقها وأن اخذته الأم بمثل ذلك فهي أحق به لأنها أشفق على الولد من الظئر ولبنها أوفق له