عدم الماء كالوضوء ثم التوضؤ بالماء قبل دخول الوقت لتقرر سببه وهو الحدث فكذلك التيمم .
فإن وجد الماء بعد ذلك فهو على أوجه .
إن وجده قبل الشروع في الصلاة يبطل تيممه إلا على قول أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنهما قال الطهارة متى صحت لا يرفعها إلا الحدث ووجود الماء ليس بحدث .
ولكنا نستدل بقوله التراب كافيك ولو إلى عشر حجج ما لم تجد الماء فإذا وجدت الماء فأمسسه بشرتك ولأن التيمم لا يرفع الحدث ولكنه طهارة شرعا إلى غاية وهو وجود الماء ومن حكم الغاية أن يكون ما بعدها خلاف ما قبلها فعند وجود الماء يصير محدثا بالحدث السابق .
وإن وجد الماء في خلال الصلاة فعليه أن يتوضأ ويستقبل القبلة عندنا وهو أحد أقاويل الشافعي رحمه الله تعالى .
وفي قول آخر يقرب الماء منه حتى يتوضأ ويبني وأظهر أقاويله أنه يمضي على صلاته .
وجه قوله أن الشروع في الصلاة قد صح بطهارة التيمم فلا يبطل برؤية الماء كما لو رأى بعد الفراغ من الصلاة وإذا لم يبطل ما أدى فحرمة الصلاة تمنعه من استعمال الماء فلا يكون واجدا للماء كما لو كان بينه وبين الماء مانع أو كان على رأس البئر وليس معه آلة الاستسقاء .
( ولنا ) أن طهارة التيمم انتهت بوجود الماء فلو أتم صلاته أتمها بغير طهارة وذلك لا يجوز وحرمة الصلاة إنما تمنعه من استعمال الماء أن لو بقيت ولم تبق ها هنا لما بينا أن التيمم لا يرفع الحدث فعند وجود الماء يصير محدثا بحدث سابق على الشروع في الصلاة وذلك يمنعه من البناء كخروج الوقت في حق المستحاضة لأن البناء على الصلاة عرف بالأثر وذلك في حدث يسبقه للحال فلهذا ألزمناه الوضوء واستقبال الصلاة والشروع في الصلاة وإن صح كما قال إلا أن المقصود لم يحصل به لأنه اسقاط الفرض عن ذمته ومتى قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل سقط اعتبار البدل كالمعتدة بالأشهر إذا حاضت .
وإن وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة والسلام لم تلزمه الإعادة إلا على قول مالك رحمه الله فإنه يقول إذا وجد الماء في الوقت يعيد الصلاة لأن طهارة التيمم لضرورة التمكن به من أداء الصلاة والأداء باعتبار الوقت فإذا ارتفعت هذه الضرورة بوجود الماء في الوقت سقط اعتبار التيمم كالمريض إذا أحج رجلا بماله ثم بريء فعليه حجة الإسلام لبقاء الوقت فإن العمر للحج كالوقت للصلاة .
( ولنا ) ما روي أن رجلين من أصحاب رسول الله صليا بالتيمم في الوقت ثم وجدا الماء فأعاد أحدهما ولم يعد الآخر فسألا عن ذلك رسول الله فقال للذي أعاد أتاك أجرك مرتين