وهنا حرمة المحل لم تثبت حين كانت معروفة النسب من الغير فلهذا لا يبطل النكاح وإن لم تكن معروفة النسب من الغير ومثلها يولد لمثله وثبت على ذلك فرق بينهما ولكنه لا يثبت النسب حقيقة إلا بتصديق المرأة إياه بذلك لأن المقر يعامل في حقه وكان ما أقر به حق ولكن لا يصدق في حق الغير فيجعل النسب في حقه كالثابت حتى ينتفي ملكه عنها ولكنه لا يثبت في حقها إلا بتصديقها فلا يلزمها الانتساب إليه إلا أن تصدقه في ذلك وإذا كان لا يولد لمثله لم يثبت النسب ولا يفرق بينهما لأن تكذيب الحقيقة إياه أقوى من تكذيه نفسه والفرق لأبي حنيفة رحمه الله تعالى بين هذا وبين العتق ما قلنا لإقراره بالنسب في ملكه موجبا فيجعل ذلك الإقرار كناية عن موجبه مجازا وليس لإقراره بالنسب في ملك النكاح موجب من حيث الأزلة فلا يمكن إعماله بطريق المجاز وأكثر ما في الباب أن يقال موجبه نفي أصل النكاح فيجعل كأنه صرح بذلك وجحوده لأصل النكاح لا يكون موجبا للفرقة فكذلك إقراره بذلك وكذلك لو قال أرضعتني ومثلها لا يرضع ولا لبن لها فإنه مكذب في ذلك حقيقة فينزل في ذلك منزلة تكذيبه نفسه فلهذا لا يفرق بينهما والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .
$ باب الإحصان $ ( قال ) لا يحصن الرجل المسلم إلا المرأة الحرة المسلمة إذا دخل بها هكذا نقل عن الشعبي والنخعي رحمهما الله تعالى ومعنى هذا أنه إذا تزوج أمة ودخل بها لا يصير محصنا لقوله صلى الله عليه وسلم لا يحصن المسلم اليهودية ولا النصرانية ولا الحر الأمة ولا الحرة العبد وكان المعني فيه إن ثبوت الإحصان يختص بالوطء بالنكاح حتى لايثبت بملك اليمين وفي معنى قضاء الشهوة لا فرق بينهما فعرفنا أن الموجب للفرق إن الإحصان إنما يثبت بوجود الوطء بين مستوى الحال في صفة الكمال فإن النكاح في العادة يكون بين مستوى الحال ولا مساواة بين المالك والمملوك فلا يتحقق هذا المعنى إذا وجد الدخول بالأمة بالنكاح لأنه لا مساواة بين الأمة والحر فأما إذا دخل بالكتابية بالنكاح لم يصر محصنا في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعلى قول أبي يوسف رحمها الله تعالى يصير محصنا قيل هذا بناء على الرواية