@ 11 @ بإسناده عن عمر قال أطعم صاعا من تمر أو شعير أو نصف صاع من بر ذكره في المعلى وقيمته تقوم مقامه عندنا على ما عرف في الزكاة , ولأن المعتبر دفع حاجة اليوم لكل مسكين فيكون نظير صدقة الفطر فإن أعطى منا من بر ومنوين من تمر أو شعير جاز لحصول المقصود لأن المن رطلان فوجد نصف الواجب من كل جنس فتندفع به حاجة المسكين , وهو المقصود بالإطعام وإنما جاز تكميل أحد النوعين بالآخر لاتحاد المقصود , وهو الإطعام فصارا جنسا واحدا من هذا الوجه فجاز التكميل بالآخر , ولا يجوز إلا بالقيمة حتى لو أدى أقل من صاع من التمر يساوي نصف صاع من بر لا يجوز لأن القيمة لا تعتبر في المنصوص عليه فصار كما لو أدى نصف صاع من تمر جيد يساوي صاعا من الوسط حيث لا يجوز لما ذكرنا , ولا يرد على هذا ما لو أطعم خمسة , وكسا خمسة في كفارة اليمين حيث تجوز الكسوة عن الإطعام بالقيمة , والكسوة منصوص عليها , وحيث لا يجوز تكميل أحدهما بالآخر إجزاء , ولا ما لو أعتق نصف رقبة , وصام شهرا حيث لا يجوز تكميل أحدهما بالآخر لأن شرط منع اعتبار القيمة , وشرط جواز التكميل اتحاد الجنس فلم يوجد لأن الكسوة غير الإطعام , والإعتاق غير الصيام فلم يوجد شرط منع جواز القيمة في الأولى , ولا علة جواز التكميل في الأخريين , ولأن الصوم يدل عن العتق فلا يجوز الجمع بينهما وفي كفارة اليمين هو مخير بين ثلاثة أشياء فقضيته أن يتناول أحدهما كله فإذا أتى ببعض واحد منها , وأراد تكميله ببعض الآخر لا يجزيه لعدم الامتثال لأن من خير بين أشياء ليس له أن يختار بعض كل منها , ويلزم من هذا أن يكون مخيرا بين أربعة أشياء , وهو خلاف النص , ولا يلزم على ما ذكرنا من اشتراط اتحاد الجنس في التكميل أن يجوز عتق نصف رقبتين مشتركتين بينه وبين غيره لأن المنصوص عليه الرقبة , ونصف الرقبتين ليس برقبة بخلاف ما لو اشتركا في أضحية شاتين حيث يجوز لأن الشركة لا تمنع صحة الأضحية , ولا يرد على ما ذكرنا جزاء الصيد فإنه يجوز الجمع فيه بين الصيام والإطعام والهدي وهي مختلفة لأنا نقول هذا ليس بتكميل لأن التكميل يكون في المحظور بل هو عمل بموجب النص في كل واحد كأن ليس معه غيره , وهذا لأن الواجب عليه القيمة بالغة ما بلغت ثم هو مخير فيها وفي كل جزء من أجزائها إن شاء جعله صوما أو غيره بخلاف كفارة اليمين لأن الواجب عليه أحدها غير عين فلا يجمع ولو فرق على كل مسكين أقل من نصف الصاع من البر أو أقل من صاع من الشعير بأن أعطى القدر الواجب لمسكينين أو أكثر لا يجزيه , وعليه أن يتم لكل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير بخلاف صدقة الفطر فإن له أن يفرق نصف صاع من بر على مسكينين أو أكثر , والفرق أن العدد منصوص عليه في الكفارة كما نص على قدر الواجب فيكون لكل واحد ما يخصه من الواجب , وأما صدقة الفطر فالعدد فيها مسكوت عنه فله أن يفرق القدر على أي عدد شاء , ولكن الأفضل أن يعطي مسكينا واحدا ليتحقق الإغناء لأن ما دون نصف صاع لا يحصل به الإغناء . قال رحمه الله ( فلو أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره ففعل أجزأه ) لأنه طلب منه التمليك معنى , والفقير قابض له أولا ثم لنفسه فيتحقق تملكه ثم تمليكه كما لو وهب الدين من غير من عليه الدين , وأمره بقبضه يجوز لأنه يصير قابضا للآمر ثم يجعله لنفسه ثم ظاهر الرواية ليس للمأمور أن يرجع على الآمر لأنه يحتمل الهبة والقرض فلا يرجع بالشك . وعن أبي يوسف أنه يرجع , ويجعل قرضا لأنه أدناهما ضررا . قال رحمه الله ( وتصح الإباحة في الكفارات والفدية دون الصدقات , والعشر ) وقال الشافعي لا يجوز في الكفارات والفدية أيضا إلا التمليك لأنه أدفع للحاجة والإطعام يذكر للتملك عرفا يقال أطعمتك هذا الطعام أي ملكتكه فيحمل عليه أو هو مراد بالإجماع فانتفى الآخر أن يكون مرادا لأن فيه الجمع بين الحقيقة , والمجاز أو العموم في المشترك , وكل ذلك لا يجوز , ولأنها صدقة واجبة فيكون من شرطها التمليك كالزكاة , وصدقة الفطر والكسوة في كفارة اليمين , ولنا أن المنصوص عليه في الكفارة والفدية الإطعام , وهو حقيقة في التمكين لأنه عبارة عن جعل الغير طاعما , وذلك بالإباحة , وإنما جاز التمليك بدلالة النص , والعمل بها لا يمنع العمل بالحقيقة ألا ترى أن ضرب الوالدين , وشتمهما يحرم بدلالة النص في قوله تعالى { , ولا تقل لهما أف }