@ 193 @ فالأفضل أن يفصل بينهما بشهر ولم يذكر المصنف طلاق الحامل مفردا فالظاهر أنه أرادها بقوله وفرق على الأشهر فيمن لا تحيض أي فرق طلاق الآيسة والصغيرة والحامل على الأشهر لأن الحامل لا تحيض وحكمها أيضا عندهما كحكم من لا تحيض في حق إيقاع الطلاق ابتداء وفي حق التفريق وقال محمد وزفر لا يطلقها للسنة إلا واحدة لأن إباحة العدد عند التفريق على فصول العدة والشهر في حقها ليس من فصول العدة فلا يباح فصارت كالممتد طهرها ولنا أن الحاجة إلى إيقاع الثلاث ماسة لما ذكرنا ولا بد من دفعها فأقيم دليلها وهو مضي الشهر مقامها كما في ذوات الأشهر ولهذا لا يفصل بين وطئها وطلاقها بزمان كما لا يفصل في حق من لا تحيض بخلاف الممتد طهرها لأن عدتها باقية ما دام حيضها مرجوا فأمكن التفريق على الأطهار ثم قيل لا يطلقها حتى يستبين حملها قال رحمه الله ( وطلاق الموطوءة ) حائضا ( بدعي ) لما ذكرنا وقال أهل الظاهر لا يقع لأنه منهي عنه فلا يكون مشروعا ولنا قوله صلى الله عليه وسلم لعمر مر ابنك فليراجعها وكان طلاقها في حالة الحيض والمراجعة بدون وقوع الطلاق محال ولأن النهي لمعنى في غيره وهو تطويل العدة فلا ينافي المشروعية كالسوم على سوم أخيه قال رحمه الله ( فيراجعها ويطلقها في طهر ثان ) يعني إذا طهرت من تلك الحيضة التي وقع فيها الطلاق ثم حاضت ثم طهرت وهو الطهر الثاني والكلام فيه من وجهين أحدهما في صفة المراجعة والثاني في وقتها أما الأول فقد ذكره القدوري بلفظ الاستحباب ووجهه أنه مأمور به على ما مر والأمر قد يكون للندب فحمل عليه لأنه أدنى أو لأنه شرع نظرا له فلو حمل على الوجوب لعاد على موضوعه بالنقض وذكر صاحب الهداية أن الأصح أنها واجبة عملا بحقيقة الأمر ودفعا للمعصية بالقدر الممكن برفع أثره وهو العدة ودفعا للضرر عنها بتطويل العدة وصار كالبيع الفاسد وأما الثاني وهو وقت المراجعة فالمذكور هنا ظاهر الرواية وهو المذكور في الأصل وذكر الطحاوي أنه يطلقها في الطهر الذي يلي الحيضة قال أبو الحسن الكرخي ما ذكره الطحاوي قول أبي حنيفة رحمه الله وما ذكره في الأصل قولهما وهو قول الحسن وقول محمد مضطرب ذكره الطحاوي مع أبي حنيفة رحمه الله والكرخي مع أبي يوسف رحمه الله ووجه المذكور في الأصل ما رواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض وفي رواية تطليقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر وتحيض ثم تطهر إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء + ( رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي ) + ولأن السنة أن يفصل بين كل تطليقتين بحيضة والفاصل هنا بعض الحيضة فيكمل بالثانية وهي لا تتجزأ فتتكامل ولأن بعض الحيضة بمنزلة الطهر الذي بعدها ولهذا لا يعتد به في العدة فكذا في حق الفصل بين الطلقتين فإذا لم يعتد به صار بمنزلة طهر واحد فليس له أن يوقع به طلقتين ووجه ما ذكره الطحاوي ما روى سالم عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ثم ليطلقها إذا طهرت أو وهي حامل + ( رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد ) + قال البيهقي أكثر الروايات عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك ولأن أثر الطلاق قد انعدم بالمراجعة فصار كأنه لم يطلقها ولهذا لو طلقها في طهر ثم راجعها فيه له أن يطلقها فيه أخرى عنده لارتفاع الأول بالمراجعة وعلى هذا لو قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة وهو يمسها بشهوة وقعت الثلاث للسنة متعاقبا عنده لأنه يصير مراجعا بالمس بشهوة وبعد تخلل النكاح لا يكره اتفاقا وقيل عنده خاصة وقيل في تخلل الرجعة ليس له أن يطلق اتفاقا ثم جملة الأمر أن النساء صنفان مدخول بها وغير مدخول بها والمدخول بها نوعان حبالى وحيالى والحيالى نوعان ذوات الأقراء وذوات الأشهر والطلاق نوعان سني