@ 152 @ بتابع له والتسمية أبلغ في التعريف من حيث إنها تعرف الماهية والإشارة تعرف الذات ألا ترى أن من اشترى ياقوتا أحمر فإذا هو أخضر ينعقد العقد لاتحاد الجنس ولو تبين أنه زجاج لا ينعقد لاختلاف الجنس وفي مسألتنا الحر مع العبد جنس واحد لقلة التفاوت في المنافع والخل مع الخمر جنسان لفحش التفاوت في المقاصد وقال في النهاية فحاصل الخلاف بينهم هو أن محمدا مع أبي يوسف في ذوات الأمثال في أن العقد يتعلق بالتسمية دون مهر المثل ومع أبي حنيفة في ذوات القيم في إيجاب مهر المثل دون التسمية وهذا الكلام لا يكاد يصح أبدا لأن محمدا رحمه الله لم يعلق الحكم بكونه من ذوات الأمثال أو من ذوات القيم ولم يعتبر هذه الجهة أصلا وإنما اعتبر كون المسمى من جنس المشار إليه أم لا فإن كان من جنسه يتعلق بالمشار إليه وإن كان من خلافه يتعلق بالمسمى سواء كان من ذوات الأمثال أو من ذوات القيم وقال أيضا ثم الأصل عندهم أن المعتبر هو الإشارة عند أبي حنيفة في الفصول كلها حتى إذا لم يكن المشار إليه مالا كان لها مهر المثل وعند محمد في الجنس الواحد تعتبر الإشارة وفي الجنسين تعتبر التسمية وعند أبي يوسف تعتبر التسمية في الفصول كلها وهذا أيضا ليس بجيد لما ثبت أن المعتبر عند اختلاف الجنس المسمى وعند اتحاد الجنس المشار إليه في النكاح والبيوع والإجارات وسائر العقود والأجود ما ذكره صاحب الإيضاح وهو أنه لا خلاف بينهم أن المعتبر المشار إليه إذا كان المسمى من جنسه وإن كان من خلاف جنسه فالمعتبر المسمى كما ذكر لمحمد هنا وإنما الخلاف في التخريج وهو أن الحر والعبد جنس واحد عند أبي حنيفة وكذا الخل والخمر فتعتبر الإشارة فيهما وعند أبي يوسف الحر والعبد جنسان مختلفان وكذا الخل والخمر لأن المسمى يصلح مهرا والمشار إليه لا يصلح مهرا فتعلق العقد بالمسمى وعند محمد الحر مع العبد جنس واحد والخل مع الخمر جنسان كما مر من أصله وهذا أصل متفق عليه في العقود كلها ثم إذا تعلق العقد بالمسمى عند اختلاف الجنس ينظر فإن كان المسمى مما يمكن أن يجعل مهرا ويثبت في الذمة ثبوتا صحيحا لزمه تسليمه من غير خيار وإلا فينظر أيضا فإن بين جنسه دون وصفه فلها الوسط منه ويخير الزوج وإلا فمهر المثل على ما تقدم ولهذا أوجب أبو يوسف في الخل مثله وفي العبد القيمة وإنما لم تجب قيمة عبد وسط لاعتبار الإشارة من وجه قال رحمه الله ( وإذا أمهر عبدين وأحدهما حر فمهرها العبد ) يعني إذا كان يساوي العبد عشرة دراهم وإن لم يساو العشرة يكمل لها العشرة وهذا عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف لها العبد وقيمة الحر لو كان عبدا وقال محمد لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر من قيمة العبد وهو رواية عن أبي حنيفة لأبي يوسف أنهما لو ظهرا حرين تجب قيمتهما عنده فكذا إذا ظهر أحدهما حرا اعتبارا للبعض بالكل ولمحمد أنهما لو كانا حرين يجب مهر المثل عنده فكذا إذا كان أحدهما حرا يجب العبد وتمام مهر المثل لعدم رضاها بدون مهر المثل إلا بسلامة العبدين لها فصار كما لو تزوجها على ألف على أن لا يخرجها من البلد أو على أن لا يتزوج عليها أو على أن يهدي لها هدية ولأبي حنيفة أن الباقي صلح مهرا لكونه مالا فيجب ووجوب المسمى وإن قل يمنع وجوب مهر المثل وذكر في الغاية في الفرق بين هذه وبين ما استشهد به لمحمد أن ترك التزوج عليها وترك إخراجها يمكن الوفاء به فلم تكن راضية بالمسمى بدونها وإذا كان أحدهما حرا لا يمكن الوفاء بالحر لأنه ليس بمال فكانت راضية بالعبد الباقي ووجه آخر أنه لا يمكن الوقوف على المشروط هناك في الحال ويمكن معرفة الحر قبل العقد فيلزمها الضرر بتقصير منها فيكون غارا لها في الأول دون الثاني ولا يرد علينا ما إذا تزوجها على ألف أو ألفين حيث صير فيه إلى مهر المثل مع إمكان وجوب المسمى وهو الأقل لأنا نقول إن الثابت هناك إحدى التسميتين وليست إحداهما أولى من الأخرى فلم تثبت واحدة منهما أما هنا فتسمية العبد الباقي ثابتة قطعا فيمنع المصير إلى مهر المثل قال رحمه الله ( وفي النكاح الفاسد إنما يجب مهر المثل بالوطء ) لأن المهر إنما يجب فيه باستيفاء منافع البضع لا بمجرد العقد لفساده ولا بالخلوة لوجود المانع من صحة الخلوة وهو الحرمة وهذا لأن الخلوة إنما أقيمت مقام الوطء للتمكن منه ولا تمكن مع الحرمة ولهذا لا يجب بها حرمة المصاهرة ولا العدة ولكل واحد منهما فسخه بغير محضر من صاحبه وقال بعضهم