@ 68 @ على الأصل وهو الحرمة لأجل عدم التمييز قال رحمه الله ( وغرم بأكله لا محرم آخر ) يعني القاتل إذا أكل من الصيد المقتول يغرم قيمة اللحم ولا يضمن محرم آخر إذا أكل منه وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا يضمن القاتل أيضا بأكله لأنه ميتة وتناول الميتة لا يوجب إلا الاستغفار فصار كما لو أكله محرم آخر وكالحلال إذا قتل صيد الحرم فأكل منه وله أن حرمته بسبب إحرامه لأنه هو الذي أخرج الصيد عن المحلية والذابح عن الأهلية في حق الذكاة فصار حرمة التناول محظور إحرامه بهذه الوسائط وإذا تناول محظور إحرامه يجب عليه الجزاء كسائر محظوراته بخلاف محرم آخر لأنه لا صنع له فيه وبخلاف الحلال إذا قتل صيد الحرم فأكله لأن وجوب الجزاء هناك باعتبار الأمن الثابت بسبب الحرم وذلك للصيد لا للحم فتكون حرمته مضافا إلى كونه ميتة ولأن مقصوده من ذبح الصيد تناوله فإذا وجب الجزاء بالوسيلة وهو الذبح فلأن يجب بالتناول أولى لأنه تحقيق المقصود ولأن المقتول ظلما كالحي في حق القاتل لا يرث منه القاتل فكذا هنا يجعل حيا حتى يجب الضمان عليه ثانيا بأكله ولو أكل منه قبل أداء الضمان لا يضمنه لدخوله في ضمان النفس كمن نتف ريش طائر ثم قتله قبل أداء الضمان لا يضمن إلا قيمة واحدة وإطعام كلابه كأكله لحصول مقصوده وإن اضطر المحرم إلى قتل صيد فقتله فعليه الجزاء لأن الإذن مقيد بالكفارة في حق المضطر بقوله تعالى ! 2 < فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك > 2 ! والآية وإن نزلت في الحلق تتناول كل مضطر دلالة ولو اضطر إلى أكل الميتة وقتل الصيد يأكل الميتة ولا يقتل الصيد وقال أبو يوسف والحسن يقتل الصيد لأن حرمته أخف لأنه حرام حكما والميتة حرام حقيقة وحكما ويقوم مقامه الكفارة أيضا فيكون كلا فائت قلنا في أكل الصيد ارتكاب محظورين الأكل والقتل وفي أكل الميتة ارتكاب محظور واحد فكان أخف وإن وجد صيدا ذبحه محرم يأكل ويدع الميتة لما ذكرنا ولو وجد صيدا حيا ومال مسلم يأكل الصيد لا مال المسلم لأن الصيد حرام حقا لله تعالى والمال حرام حقا للعبد فكان الترجيح لحق العبد لافتقاره وإن وجد لحم إنسان وصيدا أكل الصيد لأن لحم الإنسان حرام حقا للشرع وحقا للعبد والصيد حقا للشرع لا غير فكان أخف قال رحمه الله ( وحل له لحم ما صاده حلال وذبحه إن لم يدل عليه ولم يأمره بصيده ) وقال مالك والشافعي إن اصطاده الحلال لأجل المحرم لا يحل له تناوله لقوله صلى الله عليه وسلم الصيد حلال لكم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم + ( رواه أبو داود والترمذي ) + ولنا أن أبا قتادة لم يصد حمار الوحش لنفسه خاصة بل صاده له ولأصحابه وهم محرمون فأباحه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحرمه عليهم بإرادته أن يكون لهم هكذا قاله الطحاوي ولأنه ليس لأحد أن يحرم على غيره من غير صنع منه ولا بسبب ما كان حلالا له وما رواه ضعفه يحيى بن معين ولئن صح فهو محمول على ما إذا صيد له بأمره أو يحمل على أنه أهدي إليه الصيد الحي دون اللحم توفيقا بين الآثار وشرط أن لا يكون دالا على الصيد وهو المختار لما روينا من حديث أبي قتادة وقيل لا يحرم بالدلالة قال رحمه الله ( ويذبح الحلال صيد الحرم قيمة يتصدق بها لا صوم ) أي وتجب القيمة إن ذبح الحلال صيد الحرم ويتصدق بقيمته ولا يجزيه صوم لقوله صلى الله عليه وسلم إن الله حرم مكة لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها ولا ينفر صيدها فقال العباس إلا الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا قال صلى الله عليه وسلم إلا الإذخر + ( متفق عليه ) + وعلى ذلك انعقد الإجماع وإنما لم يجزه الصوم لأنه غرامة وليس بكفارة فأشبه غرامات الأموال وشجر الحرم والجامع أنهما ضمان المحل لأجزاء الفعل وفيه خلاف زفر رحمه الله هو يقول وجوب الجزاء إنما كان باعتبار الجناية على الصيد لا بدلا عن المتلف لأن الصيد قبل الإحراز لا قيمة له لأنه مباح والمباح لا يتقوم إلا بالإحراز فإذا وجب باعتبار الجناية كان كفارة كالمحرم فيجزيه الصوم قلنا إن الحرمة في المحرم باعتبار معنى فيه وهو إحرامه فيكون جزاء الفعل وهو الكفارة والحرمة في صيد الحرم باعتبار معنى في الصيد فصار بدل المحل والصوم يصلح جزاء الأفعال لا ضمان المحل واختلفوا في جواز الذبح عنه فقيل لا يجزيه لأن ضمان المحل كضمان الأموال إلا أن تكون قيمته مذبوحا مثل قيمة الصيد المقتول فيجزيه عن الإطعام كما بينا فيمن ذبح في غير