@ 62 @ يوجب دما واحدا لأنه من الواجبات فيجب بتركه الدم ويكفيه دم واحد لأن الجنس متحد كما في الحلق حتى إذا حلق جميع بدنه يكفيه دم واحد وإن كان يجب عليه بحلق كل عضو على الانفراد وبحلق ربع الرأس والترك إنما يتحقق بغروب الشمس من آخر أيام الرمي وهو آخر يوم من أيام التشريق لأنه لم يعرف قربة إلا فيها وما دامت الأيام باقية يمكن قضاؤها فيرميها على التأليف ثم بتأخير رمي كل يوم إلى اليوم الثاني يجب الدم عند أبي حنيفة مع القضاء خلافا لهما وإن أخره إلى الليل فرمى قبل طلوع الفجر من اليوم الثاني فلا شيء عليه بالإجماع لما روينا من حديث الرعاة إلا في آخر يوم من أيام التشريق فإنه يجب عليه الدم بتأخيره إلى الغروب ولا يقضيه بالليل لأن وقته قد خرج بعد غروب الشمس وإن ترك رمي يوم واحد فعليه دم لأنه نسك تام أو ترك رمي جمرة العقبة في يوم النحر يجب دم لأنه نسك تام وحده في ذلك اليوم وإن ترك أحد الجمار الثلاث في يوم فعليه صدقة لأن الكل نسك واحد في يوم فكان المتروك أقل إلا أن يكون المتروك أكثر من النصف وذلك بأن يرمي عشر حصيات ويترك إحدى عشرة حصاة فحينئذ يلزمه الدم لأن للأكثر حكم الكل ومعنى وجوب الصدقة بترك الأقل أن يجب عليه لكل حصاة نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير إلا أن يبلغ ذلك دما فينقص ما شاء قال رحمه الله ( أو أخر الحلق أو طواف الركن ) أي إذا أخر الحلق أو طواف الزيارة عن وقته وهو أيام النحر في المشهور من الرواية يجب عليه دم وهذا عند أبي حنيفة وقالا لا شيء عليه فيهما وعلى هذا الخلاف في تأخير الرمي وفي تقديم نسك على نسك كالحلق قبل الرمي ونحر القارن قبل الرمي والحلق قبل الذبح لهما أنه صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال يا رسول الله لم أشعر حلقت قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج وقال آخر يا رسول الله لم أشعر نحرت قبل أن أرمي فقال ارم ولا حرج فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج ولأن ما فات يستدرك بالقضاء ولا يجب مع القضاء شيء آخر وله قول ابن عباس من قدم نسكا على نسك فعليه الدم ولأن التأخير عن المكان يوجب الدم فيما هو مؤقت بالمكان كالإحرام فكذا التأخير عن الزمان فيما هو مؤقت بالزمان فلا حجة لهما فيما رويا لأن المراد بالحرج المنفي فيه الإثم الفدية وقول السائل لم أشعر يدل على أنهم عذروا لجهلهم أو للنسيان ولا يأثمون ولأنه لا يمكن إجراؤه على إطلاقه ألا ترى أنه لا يجوز أن يطوف أو يحلق قبل الوقوف ولأن الله تعالى أوجب الفدية على من حلق للضرورة قبل أوانه فما ظنك إذا حلق لغير ضرورة قال رحمه الله ( أو حلق في الحل ) أي يجب الدم إذا حلق في الحل للحج أو العمرة والمراد فيما إذا حلق للحج في غير الحرم في أيام النحر وأما إذا خرج أيام النحر فحلق في غير الحرم فعليه دمان عند أبي حنيفة وقال محمد يجب دم واحد في الحج والعمرة وقال زفر إن حلق للحج في أيام النحر فلا شيء عليه وإن حلق بعده فعليه دم وأصل الخلاف أن الحلق للحج يتعين بالزمان والمكان عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف لا يتعين بواحد منهما وعند محمد يتعين بالمكان دون الزمان وعند زفر يتعين بالزمان دون المكان وأما الحلق للعمرة فلا يتعين بالزمان بالإجماع لأن أفعالها لا تتعين به وتتعين بالمكان عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا تتعين لأبي يوسف أنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحصروا بالحديبية وحلقوا في غير الحرم ولهما في المكان أن الحلق نسك فيختص بالمكان كسائر مناسك الحج وكذا يقول أبو حنيفة في تعيينه بالزمان لأنه لم يعرف قربة إلا في ذلك الوقت فإذا تأخر عنه أوجب نقصانا فينجبر بالدم ولا حجة لأبي يوسف فيما روي لأن المحصر لا يجب عليه الحلق وإنما حلق صلى الله عليه وسلم في الحديبية ليعرف استحكام عزمه على الرجوع ولئن وجب لا يجب عليه في الحرم لعجزه ولأن بعض الحديبية في الحرم فلعلهم حلقوا فيه وإن لم يحلق حتى خرج من الحرم ثم عاد فحلق فيه لا يجب عليه شيء في قولهم جميعا قال رحمه الله ( ودمان لو حلق القارن قبل الذبح ) أي يجب على القارن دمان إذا حلق قبل أن يذبح واختلفت عبارات المشايخ في هذه المسألة فعبارة فخر الإسلام قارن حلق قبل أن يذبح فعليه دمان وقالا ليس عليه إلا دم القران لأن تأخير النسك عن وقته يوجب الدم عند أبي حنيفة وهنا لما حلق قبل الذبح ترك الترتيب بتقديم هذا وتأخير ذاك وهو جناية واحدة ودم