@ 27 @ لكل أهل الموقف وينبغي للناس أن يقفوا بقرب الإمام لأنه يعلم فيسمعوا ويعوا ويكونوا وراءه ليكونوا مستقبلين القبلة وهذا بيان الأفضلية لأن عرفة كلها موقف على ما بينا ويستحب له أن يغتسل قبل الوقوف وهو سنة كالجمعة والعيد والإحرام ولو اكتفى بالوضوء جاز ثم إذا دنا وقت غروب الشمس من يوم عرفة يقول اللهم لا تجعل هذا آخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه أبدا ما أبقيتني واجعلني اليوم مفلحا منجحا مرحوما مستجاب الدعاء مغفور الذنوب واجعلني من أكرم وفدك وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من النعمة والرضوان والتجاوز والغفران والرزق الواسع الحلال وبارك لي في جميع أموري وما أرجع إليه من أهل ومال وولد ويصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله ( ثم إلى مزدلفة بعد الغروب ) أي ثم رح إلى مزدلفة بعد غروب الشمس لحديث علي أنه صلى الله عليه وسلم دفع حين غابت الشمس + ( رواه أبو داود وغيره وقال صحيح ) + وفي حديث جابر لم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا الحديث + ( رواه مسلم ) + وقال أسامة فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم + ( رواه أبو داود ) + ولأن فيه إظهار مخالفة المشركين لأنهم كانوا يدفعون منها والشمس على الجبال كعمائم الرجال في وجوههم والأفضل أن يمشي على هينته وإذا وجد فرجة أسرع لما روى أسامة بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفات كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص + ( متفق عليه ) + وعنه صلى الله عليه وسلم أنه لما أفاض من عرفات رأى أصحابه يتسارعون في السوق والمشي فقال ليس البر في إيجاف الخيل ولا في إيضاع الإبل عليكم بالسكينة والوقار ولأن الإسراع من الكل يؤدي إلى الإيذاء وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته يوم عرفة ليس السابق من سبق بعيره وفرسه ولكن السابق من غفر له فإن خاف الزحام فدفع قبل الإمام ولم يجاوز حدود عرفة أجزأه لأنه لم يفض من عرفة إذا لم يخرج منها قبل الغروب والأفضل أن يقف في مكانه كي لا يكون آخذا في الإيذاء وهو الإفاضة قبل أوانه وكيلا يكون مخالفا للسنة ولو مكث قليلا بعد الغروب وبعد دفع الإمام لخوف الزحام أو لغيره من الأسباب فلا بأس به لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها دعت بشراب فأفطرت بعد إفاضة الإمام + ( خرجه سعيد بن منصور ) + وإن تأخر الإمام أفاض الناس لأن الإمام أخطأ السنة ويكون طريقه إلى المزدلفة على المأزمين بين العلمين دون طريق الضب ويكبر ويهلل ويحمد ويلبي ساعة فساعة ويقول عند دفعه من عرفات اللهم إليك أفضت ومن عذابك أشفقت وإليك رغبت فاخلفني فيما تركت وانفعني بما علمتني يا أرحم الراحمين ويكثر من الاستغفار في طريقه إلى المزدلفة ومن عرفات إلى المزدلفة فرسخ ومن المزدلفة إلى منى فرسخ ومن منى إلى مكة فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال ويستحب له أن يدخل المزدلفة ماشيا تعظيما لها ويقول عند دخولها اللهم إن هذا جمع أسألك أن ترزقني فيه جوامع الخير كله فإنه لا يعطيها غيرك اللهم رب المشعر الحرام ورب زمزم والمقام ورب البيت الحرام ورب البلد الحرام ورب الشهر الحرام ورب الركن والمقام ورب الحل والحرم والمعجزات العظام أسألك أن تبلغ روح محمد صلى الله عليه وسلم أفضل السلام وأن تصلح لي ديني وذريتي وتغفر ذنبي وتشرح صدري وتطهر قلبي وترزقني الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي وأن تقيني جوامع الشر إنك ولي ذلك والقادر عليه قال رحمه الله ( وانزل بقرب جبل قزح ) لأنه هو الموقف فينزل عنده ولا ينزل على الطريق كي لا يضيق على المارة ولا ينفرد عن الناس في النزول لما ذكرنا في النزول في عرفات قال رحمه الله وصل بالناس العشاءين بأذان وإقامة ) وقال زفر بأذان وإقامتين واختاره الطحاوي لحديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم صلاهما بأذان وإقامتين + ( رواه مسلم ) + ولأنهما فرضان صلاهما في وقت واحد فيقيم لكل واحد منهما اعتبارا بالجمع الأول وبالقضاء لأنه أقل ما يكتفى به في القضاء ولنا حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم أذن للمغرب بجمع فأقام ثم صلى العشاء بالإقامة الأولى قال ابن حزم + ( رواه مسلم ) + والفرق بينه وبين الجمع الأول أن العشاء في وقته والقوم حضور فلا يفرد بالإقامة والعصر بعرفة في غير وقته لأنه مقدم على وقته فلا بد له من الإعلام بها