@ 209 @ | قال رحمه الله ( من جاوز بيوت مصره مريدا سيرا وسطا ثلاثة أيام ) أي قدره مسيرة ثلاثة أيام لا حقيقة السير فيها حتى لو قطعه في يوم واحد قصر قال رحمه الله ( في بر أو بحر أو جبل قصر الفرض الرباعي ) قوله وسطا صفة لمصدر محذوف والعامل فيه السير المذكور لأنه مقدر بأن والفعل تقديره مريدا أن يسير سيرا وسطا في ثلاثة أيام ومراده التقدير لا أن يسير فيها سيرا وسطا ولا أن يريد ذلك السير وإنما يريد قدر تلك المسافة وكان ينبغي أن يقول مريدا ثلاثة أيام سيرا وسطا في بر أو بحر أي مريدا مسيرة ثلاثة أيام وسطا أي بسير وسط أو نقول في كلامه تقديم وتأخير وحذف تقديره مريدا مسيرة ثلاثة أيام سيرا وسطا أي بسير وسط وهو سير الإبل ونحوه ثم كلامه يتضمن أشياء أحدها بيان موضع يبتدأ فيه بالقصر والثاني بيان اشتراط قصر السفر والثالث بيان قدر مسافته والرابع تحتم القصر فيه أما الأول فإنه يقصر إذا فارق بيوت المصر لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قصر العصر بذي الحليفة وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال لو جاوزنا هذا الخص لقصرنا ثم المعتبر المجاوزة من الجانب الذي خرج منه حتى لو جاوز عمران المصر قصر وإن كان بحذائه من جانب آخر أبنية وإن كانت قرية متصلة بربض المصر يعتبر مجاوزتها هو الصحيح وأما الثاني وهو بيان اشتراط قصد السفر فلابد للمسافر من قصد مسافة مقدرة بثلاثة أيام حتى يترخص برخصة المسافرين وإلا لا يترخص أبدا ولو طاف الدنيا جميعها بأن كان طالب آبق أو غريم ونحو ذلك ويكفيه غلبة الظن يعني إذا غلب على ظنه أنه يسافر قصر إذا فارق بيوت المصر ولا يشترط فيه التيقن وأما الثالث وهو بيان مسافة السفر فقد قال أصحابنا أقل مسافة تتغير فيها الأحكام مسيرة ثلاثة أيام بسير متوسط وهو سير الإبل ومشي الأقدام في أقصر أيام السنة وعن أبي يوسف أنه مقدر بيومين وأكثر اليوم الثالث وعند الشافعي بيوم وليلة والحجة عليهما قوله صلى الله عليه وسلم يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليها ووجه التمسك به أنه يقتضي أن كل من صدق عليه أنه مسافر شرع له مسح ثلاثة أيام إذ اللام في قوله والمسافر للاستغراق كما في جانب المقيم ولا يتصور ذلك إلا إذا قدر أقل مدة السفر بثلاثة أيام لأنه لو قدر بأقل من ذلك لا يمكنه استيفاء مدته لانتهاء سفره فاقتضى تقديره به ضرورة وإلا لخرج