.
وهب المالك له الدار أو أودعه الدار والمتاع ثم وهب له الدار فإنه يصح ولو وهب أرضا وزرعها وسلمها فاستحق الزرع بطلت الهبة في الأرض لأن الزرع مع الأرض بحكم الاتصال كشيء واحد فإذا استحق أحدهما صار كأنه استحق البعض الشائع فيما يحتمل القسمة فتبطل الهبة في الباقي ا ه .
وفي الهندية واشتغال الموهوب بملك غير الواهب هل يمنع تمام الهبة ذكر صاحب المحيط في الباب الأول من هبة الزيادات أنه لا يمنع فإنه قال لو أعار داره من إنسان ثم المستعير غصب متاعا ووضعه في الدار ثم وهب المعير الدار من المستعير صحت الهبة في الدار وكذلك لو أن المعير هو الذي غصب المتاع ووضعه في الدار ثم وهب الدار من المستعير كانت الهبة تامة وإن تبين أن الدار مشغولة بما ليس بموهوب لما أنها لم تكن مشغولة بملك الواهب وهو المانع من تمام الهبة .
كذا في الفصول العمادية .
لو أودعه الدار والمتاع ثم وهب الدار صحت الهبة فإن هلك المتاع ولم يحوله ثم جاء مستحق واستحق المتاع كان له أن يضمن الموهوب له وذكر ابن رستم أن هذا قول محمد رحمه الله تعالى .
أما في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لو استحق وسادة منها تبطل الهبة في الدار كذا في التاترخانية ومثله في البحر عن المحيط ا ه .
لكن صرح في زيادات قاضيخان أن الاشتغال بملك غير الموهوب له يمنع صحة الهبة .
سواء كان ملك الواهب أو غيره لكن الهبة إنما تمتنع إذا كان الاشتغال بمتاع في يد الواهب أو في يد غير الموهوب له أما إذا كان المتاع في يد الموهوب له بغصب أو عارية أو غير ذلك فلا تمتنع .
واستدل عليه بمسائل الإجارة والغصب والاستحقاق فظهر أن الأصل أن الهبة إذا كانت مشغولة بملك الواهب أو بملك غير الموهوب له تمنع الهبة إذا لم يكن في يد الموهوب له كما في جامع الفصولين وأقره في نور العين فتأمل .
قوله ( والأصل أن الموهوب إن مشغولا بملك الواهب منع تمامها وإن شاغلا لا ) عبارة العمادية هبة الشاغل تجوز وهبة المشغول لا تجوز والأصل في جنس هذه المسائل أن اشتغال الموهوب بملك الواهب يمنع تمام الهبة لأن القبض شرط .
وأما اشتغال ملك الواهب بالموهوب فلا يمنع تمام الهبة .
مثاله وهب جرابا فيه طعام لا يجوز ولو وهب طعاما في جراب جازت وعلى هذا نظائره ا ه .
قال الزيلعي واعلم أن الدار التي فيها المتاع والجوالق الذي فيه الدقيق كالمشاع لأن الموهوب مشغول بمتاع الواهب حتى لو نزع وسلم صح ا ه .
وكلامه يعطي أن هبة المشغول فاسدة والذي في العمادية أنها غير تامة .
قال السيد الحموي في حاشية الأشباه فيحتمل أن في المسألة روايتين كما وقع الاختلاف في هبة المشاع المحتمل للقسمة هل هي فاسدة أو غير تامة والأصح كما في البناية أنها غير تامة فكذلك هنا .
كذا بخط شيخنا .
ومنه يعلم ما وقعت الإشارة إليه في الدر المختار حيث قال والأصل أن الموهوب إن مشغولا الخ فأشار إلى أحد القولين بما ذكره أولا من عدم التمام وإلى القول الثاني بما ذكره آخرا من عدم الصحة .
فتدبر .
أبو السعود .
واعلم أن الضابط في هذا المقام أن الموهوب إذا اتصل بملك الواهب اتصال خلقة وأمكن فصله لا تجوز هبته ما لم يوجد الانفصال والتسليم كما إذا وهب الزرع أو الثمر بدون الأرض والشجر أو بالعكس وإن اتصل اتصال مجاورة فإن كان الموهوب مشغولا بحق الواهب لم يجز كما إذا وهب السرج على الدابة لأن استعمال السرج إنما يكون للدابة فكانت للواهب عليه يد مستعملة فتوجب نقصانا في القبض وإن لم يكن