قال في الجوهرة أودع صبيا وديعة فهلكت منه لا ضمان عليه بالإجماع فإن استهلكها إن كان مأذونا في التجارة ضمنها إجماعا وإن كان محجورا عليه إن قبضها بإذن وليه ضمن أيضا إجماعا وإن قبضها بغير إذن وليه لا ضمان عليه عندهما لا في الحال ولا بعد الإدراك .
وقال أبو يوسف يضمن في الحال وإن أودعه عبدا فقتله ضمن إجماعا .
والفرق أن الصبي من عادته تضييع الأموال فإذا سلمه مع علمه بهذه العادة فكأنه رضي بالإتلاف فلم يكن له تضمينه وليس كذلك القتل لأنه ليس من عادة الصبيان فيضمنه ويكون قيمته على عاقلته وإن جنى عليه فيما دون النفس كان أرشه في مال الصبي ا ه .
قال العلامة الخير الرملي أقول يستثنى من إيداع الصبي ما إذا أودع صبي محجور مثله وهي ملك غيرهما فللمالك تضمين الدافع والأخذ .
كذا في الفوائد الزينية .
وأجمعوا على أنه لو استهلك مال الغير من غير أن يكون عنده وديعة ضمن في الحال .
كذا في العناية لأنه محجور عليه في الأقوال دون الأفعال كما ذكر في الحجر وسيأتي مزيد تفصيل في المسألة في كتاب الجنايات قبل القسامة فأسطر فراجعه إن شئت ا ه .
قوله ( ولو عبدا محجورا ضمن بعد عتقه ) أي لو بالغا فلو قاصرا لا ضمان عليه أصلا .
أبو السعود .
وإنما لم يضمن في الحال لحق مالكه فإن المودع لما سلطه على الحفظ وقبله العبد حقيقة أو حكما كما لو كان ذلك بالتعاطي فكان من قبيل الأقوال والعبد محجور عنها في حق سيده فإذا عتق ظهر الضمان في حقه لتمام رأيه وهذا إذا لم تكن الوديعة عبدا فلو أودع صبيا عبدا فقتله الصبي ضمن عاقلته سواء قتله عمدا أو خطأ لأن عمده خطأ وليس مسلطا على القتل من جانب المولى لأن المولى لا يملك القتل فلا يملك التسليط عليه فإذا أودع العبد عند عبد محجور فقتله خطأ كان من قبيل الأفعال وهو غير محجور عنها ولم تكن من الأقوال لأن مولى العبد لا يملك تفويض قتله للمودع فكان على مولى العبد المودع القاتل أن يدفعه أو يفديه كما هو حكم الخطأ وإن قتله عمدا قتل به إلا أن يعفو وليه .
رحمتي .
قوله ( وهي أمانة ) هذا من قبيل حمل العام على الخاص وهو جائز كالإنسان حيوان ولا يجوز عكسه لأن الوديعة عبارة عن كون الشيء أمانة باستحفاظ صاحبه عند غيره قصدا والأمانة قد تكون من غير قصد والوديعة خاصة والأمانة عامة والوديعة بالعقد والأمانة أعم فتنفرد فيما إذا هبت الريح بثوب إنسان وألقته في حجر غيره وتقدم أنه يبرأ عن الضمان في الوديعة إذا عاد إلى الوفاق والأمانة غيرها لا يبرأ عن الضمان بالوفاق ط .
ومثله في النهاية والكفاية .
قال يعقوب باشا وفيه كلام وهو أنه إذا اعتبر في إحداهما القصد وفي الأخرى عدمه كان بينهما تباين لا عموم وخصوص .
والأولى أن يقال والأمانة قد تكون بغير قصد كما لا يخفى انتهى .
لكن يمكن الجواب بأن المراد .
بقوله ( والأمانة ما يقع في يده من غير قصد كونها بلا اعتبار قصد ) لأن عدم القصد معتبر فيها حتى يلزم التباين بل هي أعم من الوديعة لأنها تكون بالقصد فقط والأمانة قد تكون بالقصد بغير تدبر .
وما في العناية من أنه قد ذكرنا أن الوديعة في الاصطلاح هي التسليط على الحفظ وذلك يكون بالعقد والأمانة أعم من ذلك فإنها قد تكون بغير عقد فيه كلام وهو أن الأمانة مباينة للوديعة بهذا المعنى لا أنها أعم منها لأن التسليط على الحفظ فعل المودع وهو المعنى والأمانة عين من الأعيان فيكونان متباينين .
والأول