ابن الغرس وأما إذا أقر عند القاضي فيقضى عليه وهو غائب لأن له أن يطعن في البينة دون الإقرار ولأن القضاء بالإقرار قضاء إعانة لكن قال في الخامس والعشرين من جامع الفصولين ناقلا عن الخانية غاب المدعى عليه بعد ما برهن عليه أو غاب الوكيل بعد قبول البينة قبل التعديل أو مات الوكيل ثم عدلت تلك البينة لا يحكم بها .
وقال أبو يوسف يحكم وهذا أرفق بالناس .
ولو برهن على الموكل فغاب ثم حضر وكيله أو على الوكيل ثم حضر موكله يقضي بتلك البينة وكذا يقضي على الوارث ببينة قامت على مورثه وقد مر الكلام على ذلك مستوفى في القضاء فراجعه .
وكذا لا تسمع الشهادة على غائب إلا إذا التمس المدعي بذلك كتابا حكميا للقضاء به فيجيبه القاضي إليه فيكتب إلى القاضي الغائب الذي بطرفه الخصم بما سمعه من الدعوى والشهادة ليقضي عليه كما في الهندية عن البدائع .
قوله ( وهل يحضره بمجرد الدعوى ) أي يحضر القاضي الخصم .
قوله ( فحتى يبرهن ) يعني قال بعضهم إنما يحضره إذا برهن على دعواه لا للقضاء بها بل ليعلم صدقه .
وقال بعضهم إنما تقام البينة على الخصم ولا خصم هنا بل يحلفه بالله أنه صادق فيما يدعي عليه ليعلم بذلك صدقه فإن حلف أحضر له خصمه .
قوله ( أو يحلف ) أو لحكاية الخلاف لأنهما قولان لا قول واحد يخير فيه بين البرهان والتحليف .
قال في البحر إن كان في المصر أو قريبا منه بحيث لو أجاب يبيت في منزله وإن كان أبعد منه قيل يأمره بإقامته البينة على موافقة دعواه لإحضار خصمه والمستور في هذا يكفي فإذا أقام يأمر إنسانا ليحضر خصمه .
وقيل يحلفه القاضي فإن نكل أقامه عن مجلسه وإن حلف أمر بإحضاره .
ا ه .
قال قاضيخان فإذا أقام البينة قبلت بينته للأشخاص لا للقضاء ا ه أي بل لإحضاره فإذا حضر أعاد البينة ثانيا فإن عدلت قضى عليه كما في شرح أدب القاضي .
قال الشلبي وعمل قضاة زماننا على خلاف ما تقدم فإذا أتى لهم شخص فقال لي دعوى على شخص يأمرون بإحضاره من غير أن يستفسروا المدعي عن دعواه ليعلموا صحتها من فسادها وهذا منهم غفلة عما ذكروه أو جهل به .
ا ه .
وفي خزانة الأكمل قال أبو يوسف لو اختفى المدعى عليه في البيت بعث إليه القاضي نساء وأمرهن بدخول داره فإن عرفنه وإلا عزل النساء في بيت ثم يدخل الرجال فيفتشون بقية الدار قال هشام لمحمد ما تقول في رجل له حق على ذي سلطان فلم يجيء معه إلى مجلس القاضي فأخبرني أن أبا يوسف كان يعمل بالإعداء وهو قول أهل البصرة وبه نأخذ .
والإعداء أن يبعث القاضي إلى بابه من يأتيه به بأن يقول له إن القاضي يدعوك إلى مجلس الحكم فإن أجابه فبها وإلا جعل القاضي وكيلا عنه .
ولا يأخذ أبو حنيفة بالإعداء .
ا ه .
قال في البحر ولم يذكر الشارحون هنا حكم استيفاء ذي الحق حقه من الغير بلا قضاء وأحببت جمعه من مواضعه تكثرا للفوائد وتيسيرا على طالبيها فإن كان الحق حد قذف فلا يتسوفيه بنفسه لأن فيه حق الله تعالى اتفاقا .
والأصح أن الغالب فيه حقه تعالى فلا يستوفيه إلا من يقيم الحدود ولكن يطلب المقذوف كما بيناه في بابه وإن كان قصاصا فقال في جنايات البزازية قتل الرجل عمدا وله ولي له أن يقتص بالسي فقضى به أولا ويضرب علاوته ولو رام قتله بغير سيف منع وإن فعل عزر لكن لا يضمن لاستيفائه حقه ا ه .
وإن كان تعزيرا ففي حدود القنية ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب أيضا أنهما يعزران ويبدأ بإقامة التعزير