كما قال شيخنا لكنه لم يأت لرده بوجه يقويه والظاهر أنه لم يظهر له المراد وهو الذي نذكره في الحاصل آخر هذه العبارة .
وأقول التحرير في هذه المسألة ما نقله الشارح عن خط المصنف ومشى عليه العلامة المقدسي كما نقله عنه أبو السعود .
وحاصله أن ما ذكروه من تصحيح قول محمد بأن العبرة لمكان المدعى عليه إنما هو فيما إذا كان قاضيان كل منهما في محلة وقد أمر كل منهما بالحكم على أهل محلته فقط بدليل قول العمادي وكذا لو كان أحدهما من أهل العكسر والآخر من أهل البلد فأراد العسكري أن يخاصمه إلى قاضي العكسر فهو على هذا ولا ولاية لقاضي العكسر على غير الجندي فقوله ولا ولاية دليل واضح على ذلك .
أما إذا كان كل منهما مأذونا بالحكم على أي من حضر عنده من مصري وشامي وحلبي وغيرهم كما في قضاة زماننا فينبغي التعويل على قول أبي يوسف لموافقته لتعريف المدعي والمدعى عليه أي فإن المدعي هو الذي له الخصومة فيطلبها عند أي قاض أراد وبه ظهر أنه لا وجه لما في البحر من أنه لو تعدد القضاة في المذاهب الأربعة كما في القاهرة فالخيار للمدعى عليه حيث لم يكن القاضي من محلتهما .
قال وبه أفتيت مرارا .
أقول وقد رأيت بخط بعض العلماء نقلا عن المفتي أبو السعود العمادي أن قضاة الممالك المحروسة ممنوعون عن الحكم على خلاف مذهب المدعى عليه .
ا ه .
وأشار إليه الشارح وذكر شيخ شيوخ مشايخنا السائحاني بعد كلام قال في قضاء البزازية فوض قضاء ناحية إلى رجلين لا يملك أحدهما القضاء ولو قلد رجلين على أن ينفرد كل منهما بالقضاء لا رواية فيه .
وقال الإمام ظهير الدين ينبغي أن يجوز لأن القاضي نائب السلطان يملك التفرد .
ا ه .
فتحصل أن الولاية لو لقاضيين فأكثر كل واحد في محلة فتفرد القاضي صحيح والعبرة للمدعى عليه وإن كانوا في محل واحد على السواء فقد سمعت أنه لا يملك أحدهم التفرد فلا فائدة في اختيار أحدهم وإن أمر كل واحد بالتفرد جاز وحينئذ فلا يظهر فرق بين كل واحد في محلة أو مجتمعين فما فهمه المصنف ليس على إطلاقه بل على هذا التفصيل .
ا ه .
وكان عليه أن يذكر بعد قوله جاز والعبرة للمدعي .
وقد اتضح المرام من هذه المسألة على أتم وجه ولله تعالى الحمد لكن صدر الأمر السلطاني الآن بالعمل على ما في المحلة من المادة 1803 من أن العبرة للمدعى عليه فاحفظه والسلام .
قوله ( وبه أفتيت مرارا ) رده العلامة المقدسي وذكر أنه ينبغي التعويل على قول أبي يوسف لموافقته تعريف المدعي والمدعى عليه وذكر أنه غير صحيح .
أما أولا فإن النسخ المشهورة من البزازية على الإطلاق الذي ادعاه وبنى عليه فتواه بل على ما قيده من أن كلا من المتداعيين يطلب المحاكمة عند قاضي محلته كما علمت من عبارته المتقدمة .
وعلى تقدير في نسخته إطلاقا فهو محمول على التقييد المصرح به في العمادية والخانية وغيرهما فإن الذي ولاه خصمه بتلك البلد أو بتلك المحلة .
ولهذا قال في جامع الفصولين اختصم غريبان عند قاضي بلدة صح قضاؤه على سبيل التحكيم .
أقول ولا يحتاج إلى هذا لأن القضاء يفوض لهم الحكم على العموم في كل من هو في بلدهم أو قريتهم ولو من الغرباء التي تولوا القضاء بها كما ذكرناه وهو الذي ذكره المؤلف بعد عن المصنف .
قوله ( على السواء )