قلت ووجهه أنهم جعلوا العبرة للعدالة لا للحرفة فكم من دنيء صناعة أتقى من ذي منصب ووجاهة .
على أن الغالب أنه لا يعدل عن حرفة أبيه إلى أدنى منها إلا لقلة ذات يده أو صعوبتها عليه ولا سيما إذا علمه إياها أبوه أو وصيه في صغره ولم يتقن غيرها فتأمل .
وفي حاشية أبي السعود فيه نظر لأنه مخالف لما قدمه هو قريبا من أن صاحب الصناعة الدنيئة كالزبال والحائك مقبول الشهادة إذا كان عدلا في الصحيح ا ه .
وقدمناه قريبا .
قال سيدي الوالد ويدفع بأن مراده أن عدوله عن حرفة أبيه إلى أدنى منها دليل على عدم المروءة وإن كانت حرفة أبيه دنيئة فينبغي أن يقال هو كذلك إن عدل بلا عذر .
تأمل ا ه .
أقول فالحاصل أن المعتبر العدالة ولا نظر إلى الحرفة إلا إذا عدل عن حرفة آبائه الشريفة إلى الحرفة الخسيسة إذا كان بلا داع إليه من عجز أو عدم أسباب أو قلة يد تقصر عن حرفة أبيه ولا سيما إذا كان أبوه أو وصيه علمه في صغره هذه الحرفة الدنيئة فكبر وهو لا يعرف غيرها .
أما إذا كان بلا داع فيدل على رزالته وعدم مروءته ومبالاته هذا مما يسقط العدالة .
أما لو كان انتقاله لأحد هذه الأعذار المذكور فتقبل إذا كان عدلا ولا وجه لرد شهادته فتعين ما قلنا .
قوله ( لا تقبل من أعمى ) في شيء من الحقوق دينا أو عينا منقولا أو عقارا .
قهستاني .
والعلة فيه أن الأداء يفتقر إلى التمييز بالإشارة بين المشهود له والمشهود عليه ولا يميز الأعمى إلا بالنغمة فيخشى عليه التلقين من الخصم إذ النغمة تشبه النغمة .
قوله ( ولو قضى صح ) أي قاضي ولو حنيفا كما يفيده إطلاقه أو يحمل على قاض يرى قبولها كمالكي ط .
قوله ( ما لو عمي بعد الأداء ) لأن المراد بعدم قبولها عدم القضاء بها لأن قيام أهليتها شرط وقت القضاء لصيرورتها حجة عنده .
قوله ( وما جاز بالسماع ) أي كالنسب والموت وما تجوز الشهادة عليه بالشهرة والتسامع كما في الخلاصة .
قوله ( خلافا للثاني ) أي فيما لو عمي بعد الأداء قبل القضاء وما جاز بالسماع كما في فتح القدير .
ولزفر وهو مروي عن الإمام واستظهر قول بالأول صدر الشريعة فقال وقوله أظره لكن رده في اليعقوبية بأن المفهوم من سائر الكتب عدم أظهريته .
وأما قوله بالثاني فهو مروي عن الإمام أيضا قال في البحر واختاره في الخلاصة ورده الرملي بأنه ليس في الخلاصة ما يقتضي ترجيحه واختياره .
نعم قال ط وجزم به في النصاب من غير ذكر خلاف كما في الحموي ا ه .
أقول وهو ترجيح له لكن عزاه في الخلاصة إلى النصاب .
وفي النصاب لم يتعرض لحكاية الخلاف .
وفي حاشية الخير الرملي على المنح عند قوله ودخل تحته ما كان طريقه السماع خلافا لأبي يوسف كما في فتح القدير .
أقول عبارة فتح القدير وقال أبو يوسف يجوز فيما طريقه السماع وما لا يكفي فيه السماع إذا كان بصيرا وقت التحمل أعمى عند الأداء إذا كان يعرفه باسمه ونسبه ا ه .
أقول فحق العبارة خلافا لأبي يوسف فيما طريقه السماع أولا ولزفر فيما طريقه السماع وقد تبع الشارح شيخه في ذلك فإن هذه عبارة حرفا بحرف ولا يخفى ما فيها من إيهام اختصاص مذهب أبي يوسف بما طريقه السماع وليس كذلك وفي الفتح وقيد في الذخيرة قول أبي يوسف بما إذا كانت شهادته في الدين والعقار أما في المنقول فأجمع علماؤنا أنها لا تقبل