أقول قد علمت ما قدمناه عن سيدي الوالد أنهما قولان معتمدان وأن المتون على عدم قبولها وإن لم يفسق بها للتهمة .
قوله ( إلا إذا كانت الصداقة متناهية ) أي فإنها لا لا تقبل للتهمة .
قوله ( بلا إصرار ) أي تقبل من مرتكب صغيرة بلا إصرار لأن الإلمام من غير إصرار لا يقدح في العدالة إذ لا يوجد من البشر من هو معصوم سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيؤدي اشتراط العصمة إلى سد باب الشهادة وهو مفتوح .
أما إذا أصر عليها وفرح بها أو استخف إن كان عالما يقتدى به فهي كبيرة كما ذكره بعضهم .
قوله ( إن اجتنب الكبائر كلها وغلب صوابه على صغائره ) الأولى أن يقول على خطئه وأشار إلى أنه كان ينبغي أن يزيد وبلا غلبة .
قال ابن الكمال لأن الصغيرة تأخذ حكم الكبيرة بالإصرار وكذا بالغلبة على ما أفصح عنه في الفتاوى الصغرى حيث قال العدل من يجتنب الكبائر كلها حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته وفي الصغائر العبرة للغلبة والدوام على الصغيرة لتصير كبيرة ولذا قال وغلب صوابه .
قوله ( وهو معنى العدالة ) قال الكمال أحسن ما نقل فيها عن أبي يوسف أن لا يأتبي بكبيرة ولا يصر على صغيرة ويكون ستره أكثر من هتكه وصوابه أكثر من خطئه ومروءته ظاهرة ويستعمل الصدق ويجتنب الكذب ديانة ومروءة ا ه .
قال القهستاني من اجتنبي الكبائر وفعل مائة حسنة وتسعا وتسعين صغيرة فهو عدل وإن فعل حسنة وصغيرتين ليس بعدل ا ه .
قال في البحر هي الاستقامة وهي بالإسلام واعتدال العقل ويعارضه هوى يضله ويصده وليس لكمالها حد يدرك مداه ويكتفي لقبولها بأدناه كي لا تضيع الحقوق وهو رجحان جهة الدين والعقل على الهوى والشهوة ا ه .
وتمامه فيه .
قوله ( كل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة ) أي كل فعل من الذنوب والمعاصي فهو كبيرة إذ يبعد أن يقال إن الأكل في السوق مثلا لغير السوقي كبيرة بل قالوا إنما يحرم عليه ذلك إذا كان متحملا شهادة لئلا يضيع حق المشهود له .
وعبارة الخلاصة بعد أن نقل القول بأن الكبيرة ما فيه حد بنص الكتاب .
قال وأصحابنا لم يأخذوا بذلك وإنما بنوا على ثلاثة معان أحدها ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة .
والثاني أن يكون فيه منابذة المروءة والكرم فكل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة .
والثالث أن يكون مصرا على المعاصي أو الفجور ا ه وتعقبه في فتح القدير بأنه غير منضبط وغير صحيح ا ه .
ولذا قال المحشي فيما ذكره الشارح عنها قال إلا أن يراد الكبيرة من حيث منع الشهادة .
قال القهستاني هذا التعريف غير الأصح .
قال في الذخيرة الأصح أن ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الدين فهو من الكبائر وكذا ما فيه نبذ المروءة والكرم وكذا الإعانة على المعاصي والحث عليها .
وفي معين المفتي رفض المروءة ارتكاب ما يعتذر منه ويضعه على رتبته عند أهل الفضل .
قال العيني اختلفوا في الكبيرة فقال أهل الحجاز وأهل الحديث هي السبع المذكورة في الحديث المشهور وهي الإشراك بالله والفرار من الزحف وعقوق الوالدين وقتل النفس وبهت المؤمن