قلت يمكن ذلك لأنه من الأمور الاعتبارية التي تبتنى عليها أحكام شرعية إذا وجد معها ما يقتضيها فإذا صلى من الفرض الرباعي ركعتين وقصد أن يجعلهما الأخيرتين فهو لغو إلا إذا حقق قصده بأن ترك فيهما القراءة وقرأ فيما بعدهما فحينئذ يبتنى عليه أحكام شرعية وهي وجوب الإعادة والإثم لوجود ما يقتضي تلك الأحكام ولهذا اعتبر الشارع صلاة المسبوق غير مرتبة من حيث الأقوال فأوجب عليه عكس الترتيب مع أن كل ركعة أتى بها أولا فهي الأولى صورة لكنها في الحكم ليست كذلك فكما أوجب الشارع عليه عكس الترتيب بأن أمره بأن يفعل ما يبتني على ذلك من قراءة وجهر كذلك أمر غيره بالترتيب بأن يفعل ما يقتضيه بأن يقرأ أولا ويجهر ويسر وإذا خالف يكون قد عكس الترتيب حكما ولهذا عبر المصنف كالكنز وغيره بقوله ورعاية الترتيب أي ملاحظته باعتبار الإتيان بما يجب أولا في الأول أو آخرا في الآخر .
والحاصل أن المصلي إما منفرد أو إمام أو مأموم فالأولان يظهر فيهما ثمرة الترتيب بما ذكرنا ولو سلمنا عدم ظهور الثمرة فيهما تظهر في المأموم فإنه إما مدرك أو مسبوق فقط أو لاحق فقط أو مركب على ما سيأتي بيانه في محله .
أما المدرك فهو تابع لإمامه فحكمه حكمه .
وأما المسبوق فقد علمت أن اللازم عليه عكس الترتيب .
وأما اللاحق فالواجب عليه الترتيب بعكس المسبوق .
وعند زفر الترتيب فرض عليه فإذا أدرك بعض صلاة الإمام فنام فعليه أن يصلي أولا ما نام فيه بلا قراءة ثم يتابع الإمام فلو تابعه أولا ثم صلى ما نام فيه بعد سلام الإمام جاز عندنا وأثم لتركه الواجب .
وعند زفر لا تصح صلاته .
قال في السراج عن الفتاوى المسبوق إذا بدأ بقضاء ما فاته فإنه تفسد صلاته وهو الأصح واللاحق إذا تابع الإمام قبل قضاء ما فاته لا تفسد خلافا لزفر ا ه .
وأما المركب كما لو اقتدى في ثانية الفجر فنام إلى أن سلم الإمام فهذا لاحق ومسبوق ولم يصل شيئا فيصلي أولا الركعة التي نام فيها بلا قراءة ثم التي سبق بها بقراءة وإن عكس صح وأثم لتركه الترتيب الواجب فيجب عليه إعادة الصلاة سواء كان عامدا لأدائها مع كراهة التحريم أو ساهيا لعدم إمكان الجبر بسجود السهو لأن ختام صلاته وقع بما لحق فيه واللاحق ممنوع عن سجود السهو لأن خلف الإمام حكما فثبت بهذا أن اللاحق بنوعيه قد أوجبوا عليه الترتيب كما ألزموا المسبوق بعكسه .
وليس ذلك إلا من حيث الاعتبار والحكم لا من حيث الصورة فافهم .
قوله ( حتى لو نسي ) تفريع على قوله كالسجدة .
قوله ( من الأولى ) ليس بقيد وخصها لبعدها من الآخر ط .
قوله ( قبل الكلام ) المراد قبل إتيانه بمفسد ط .
قوله ( لكنه يتشهد ) أي يقرأ التشهد إلى عبده ورسوله فقط ويتمه بالصلوات والدعوات في تشهد السهو على الأصح ط .
قوله ( ثم يتشهد ) أي وجوبا سكت عن القعدة لأن التشهد يستلزمها لأنه لا يوجد إلا فيها تأمل .
قوله ( لأنه يبطل الخ ) أي لأن التشهد يعني مع القعدة بقرينة قوله أما السهوية فترفع التشهد لا القعدة ح .
أما بطلان القعدة بالعود إلى الصلبية أي السجدة التي هي من صلب الصلاة أي جزء منها فلاشتراط الترتيب بين القعدة وما قبلها لأنها لا تكون أخيرة إلا بإتمام سائر الأركان وأما بطلانها بالعود إلى التلاوية فقال ط لأن التلاوية لما وقعت في الصلاة أعطيت حكم الصلبية بخلاف ما إذا تركها