إذا علمت ذلك ظهر لك أن كلا من الفرض والواجب اشتراكا في لزوم العمل وإن تفاوتت مراتب اللزوم كما تفاوتت مراتب الوجوب .
واختلفا في لزوم الاعتقاد على سبيل الفرضية ولهذا يسمى الواجب فرضا عملا فقط وقد علمت أن كلا منهما يطلق على الآخر .
فقول الشارح عملا لا اعتقادا احترازا عن الفرض القطعي ولهذا قال في المنح أي فلا يكفر جاحده فأفاد أن المراد به الواجب الظني كالوتر ونحوه لا القطعي الذي هو فرض علما وعملا فإن منكره كافر كما مر بخلاف منكر الواجب الظني أي منكر وجوبه فإنه لا يكفر للشبهة فيه .
أما إذا أنكر أصل مشروعيته المجمع عليها بين الأمة فإنه يكفر فقد صرح المصنف في باب الوتر والنوافل أن من أنكر سنة الفجر يخشى عليه الكفر .
ثم رأيته في القنية في باب ما يكفر به نقل عن الحلواني لو أنكر أصل الوتر وأصل الأضحية كفر ثم نقل عن الزندوستي أنه لو أنكر الفرضية لا يكفر ثم قال ولا تنافي بينهما لأن الأصل مجمع عليه والفرضية والوجوب من مختلف فيهما اه .
فافهم .
قوله ( بقدرة ) متعلق بتجب .
قوله ( ممكنة ) بصيغة اسم الفاعل من التمكين ط .
قوله ( هي ما يجب ) الأوضح أن يقول والواجب بهذه القدرة ما يجب إلخ ط .
بيان ذلك أن القدرة التي يتمكن بها العبد من أداء ما لزمه نوعان مطلق وهو أدنى ما يتمكن به العبد من أداء ما لزمه وهو شرط في وجوب أداء كل مأمور به .
وكامل وهو القدرة الميسرة للأداء بعد التمكن ودوامها شرط لدوام الواجب الشاق على النفس كأكثر الواجبات المالية حتى بطلت الزكاة والعشر والخراج بهلاك المال بعد التمكن من الأداء لأن القدرة الميسرة وهي وصف النماء قد فاتت بالهلاك فيفوت دوام الوجوب لفوات شرطه بخلاف الأولى فليس بقاؤها شرطا لبقاء الواجب حتى لا يسقط الحج وصدقة الفطر بهلاك المال لوجوبهما بقدرة ممكنة وهي القدرة على الزاد والراحلة وملك النصاب ولا يقع اليسر فيهما إلا بخدم ومراكب وأعوان في الأول وملك أموال كثيرة في الثاني وليس بشرط بالإجماع .
قوله ( بمجرد التمكن من الفعل ) أي بالتمكن من الفعل المجرد عن اشتراط دوام القدرة ط .
قوله ( لأنها شرط محض ) أي ليس فيه معنى العلة والشرط يكفي مطلق وجوده لتحقق المشروط اه ط .
قوله ( هي ما يجب إلخ ) الأوضح أن يقول والواجب بها ما يجب إلخ ط .
قوله ( بصفة اليسر ) الباء للمصاحبة ط .
قوله ( فغيرته من العسر ) وهو الوجوب بمجرد التمكن إلى اليسر وهو الوجوب بصفة اليسر بعد التمكن وهذا منه بيان لوجه التسمية بميسرة والتغيير تقديري إذ ليس المراد أنه كان واجبا بالعسرة بقدرة ممكنة ثم تغير إلى اليسر بل المراد أنه لو وجب بالممكنة كباقي الواجبات بها لكان جائزا فلما توقف عليها صار كأنه تغير .
قوله ( لأنها شرط في معنى العلة ) لأن العلة هي المؤثرة ولما أثر هذا الشرط بتغيير الواجب إلى صفة اليسر كان في معنى العلة والعلة مما لا يمكن بقاء الحكم بدونها إذ لا يسر بدون قدرة ميسرة والواجب الذي لم يشرع إلا بصفة اليسر لا يبقى بدونها .
قوله ( بدليل ) علة لكونها بقدرة ممكنة لا ميسرة اه ح .
قال في العناية وهي واجبة بالقدرة الممكنة بدليل أن الموسر إذا اشترى شاة للأضحية في أول يوم النحر ولم يضح حتى مضت أيام النحر ثم افتقر كان عليه أن يتصدق بعينها ولا تسقط عنه الأضحية فلو كانت بالقدرة الميسرة كان دوامها شرطا كما في الزكاة والعشر والخراج حيث تسقط بهلاك المال اه .