لأنه الأثر اللازم سواء كان ينفك أو لا ا ه .
وهذا أحسن مما قاله العلامة ابن الغرس من أن موجب الشيء ما أوجبه ذلك الشيء واقتضاه فالموجب والمقتضى في الأصل واحد ولكن يلزم من بعض الصور أن الموجب في باب الحكم أعم وهو التحقيق إذ لو باع مدبرة ثم تنازعا عند القاضي الحنفي فحكم بموجب ذلك البيع صح الحكم ومعناه الحكم ببطلان ذلك البيع ومن المعلوم أن الشيء لا يقتضي بطلان نفسه فظهر أن الحكم في هذه الصورة لا يكون حكما بالمقتضى وإلا كان باطلا وكان للشافعي نقضه والحكم بصحة البيع إذ لا مقتضى للبيع عند الحنفي لأنه باطل ويصح عند الحنفي أن يقال موجب هذا البيع البطلان ا ه ملخصا .
وإنما قلنا إن ما مر أحسن لأنه يرد على ما قاله ابن الغرس أنه كما يقال إن الشيء لا يقتضي بطلان نفسه فكذلك يقال إنه لا يوجب بطلان نفسه فدعواه أنهما في الأصل بمعنى واحد وأن هذا السبب هو الداعي إلى الفرق بينهما هنا غير مسلم فالظاهر أن الفرق بينهما هو اشتراط عدم الانفكاك في المقتضى لا في الموجب فالموجب أعم فالحكم بالموجب عندنا لا يصح ما لم يكن حادثة بأن وقع فيه الترافع والتنازع عند الحاكم كما مر فإذا وقع التنازع في صحة البيع ولزومه فحكم بموجب ذلك البيع كان حكما بصحته وبباقي مقتضياته الشرعية التي لا تنفك عنه كملك المشتري المبيع ولزوم دفعه الثمن ونحو ذلك بخلاف موجبه المنفك عنه كاستحقاق الجار الأخذ بالشفعة لعدم الحادثة كما قلنا .
$ مطلب الموجب على ثلاثة أقسام $ ثم اعلم أن ابن الغرس ذكر أن الموجب على ثلاثة أقسام لأنه إما أن يكون أمرا واحدا أو أمورا يستلزم بعضها بعضا أو لا .
فالأول كالقضاء بالأملاك المرسلة والطلاق والعتاق إذ لا موجب لها سوء ثبوت ملك الرقبة للعين والحرية وانحلال قيد العصمة .
والثاني كما إدا ادعى رب الدين على الكفيل بدين له على الغائب المكفول عنه وطالبه به فأنكر الدين فأثبته وحكم بموجب ذلك فالموجب هنا أمران لزوم الدين للغائب ولزوم أدائه على الكفيل والثاني يستلزم الأول في الثبوت والثالث كما إذا حكم شافعي بموجب بيع عقار اقتصر الحكم على ما وقعت به الدعوى فلا يكون حكما بأنه لا شفعة للجار وهكذا في نظائره .
هذا حاصل ما قرره ابن الغرس وتبعه في النهر وزاد عليه قسما رابعا لكنه يرجع إلى كونه شرطا للقسم الثاني كما يظهر بالتأمل لمن راجعه .
تنبيه قدمنا آنفا عن البحر عن فتاوى الشيخ قاسم أنه نقل الإجماع على أن تقدم الدعوى الصحيحة شرط لنفاذ الحكم وأيد ذلك صاحب البحر في رسالة ألفها في ذلك ثم قال فقد استفيد مما في هذه الكتب المعتمدة أنه لا فرق بين ما إذا كان القاضي حنفيا أو غيره إلى أن قال ومما فرعته على أن قضاء المخالف إذا رفع إلينا فإنا نمضيه فيما وقع حكمه به لا في غيره ما لو قضى شافعي ببينة ذي اليد على خارج نازعه ثم تنازع ذو اليد وخارج آخر عند حنفي فإنه يسمع الدعوى ولا يمنعه قضاء الشافعي من سماعها بناء على أن مذهبنا أن القضاء بالملك لا يكون قضاء على الكافة بل يقتصر على المفضى عليه وهو الخارج الأول وإن كان مذهب الحاكم تعديه كما قدمناه من أن قضاء المالكي بغير دعوى غير صحيح عندنا وإن صح عنده فإذا رفع إلينا لا ننفذه وكذلك هنا لا نتعرض لحكمه على الخارج الأول وأما الثاني فلم يقع حكمه عليه على مقتضى مذهبنا .
ومما فرعته لو حجر شافعي على سفيه بعد دعوى صحيحة ثم رفعت إلينا حادثة من تصرفاته فإنا نحكم بمذهب أبي يوسف ومحمد للحجر على السفيه فإنهما وإن وافقا الشافعي في أصل الحجر لم يوافقاه في أنه يؤثر في كل شيء وإنما يؤثر عندهما فيما يؤثر فيه الهزل فإذا تزوجت السفيهة التي حجر عليها شافعي ولم يرفع نكاحها إليه ولم يبطله بل رفع إلى حنفي فله