دم العمد كذلك لأنه بعقد وحينئذ فاعتراض الطرسوسي على صاحب الاختيار بما حكاه أهل القول الأول ساقط فإن صاحب الاختيار لم يقل بقولهم حتى يعترض عليه بذلك بل قال بالقول الثاني كبقية أصحاب المتون غير أنه زاد على المتون التصريح بالخلع لدخوله تحت العقد وتبعه في الدرر .
كيف وصاحب الاختيار إمام كبير من مشايخ المذهب ومن أصحاب المتون المعتبرة وأما الطرسوسي فلقد صدق فيه قول المحقق ابن الهمام إنه لم يكن من أهل الفقه فافهم واغنم تحقيق هذا الجواب فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب والحمد لله ملهم الصواب .
ثم بعد مدة رأيت في مختصر أنفع الوسائل للزهيري ردا على الطرسوسي بنحو ما قلنا ولله الحمد .
قوله ( لا يحبس في غيره ) أي إن ادعى الفقر كما يأتي .
قوله ( بدل خلع ) الصواب إسقاطه كما علمت من أنه من القسم الأول .
قوله ( ومغصوب ) بالجر عطفا على خلع وكذا ما بعده أي وبدل مغصوب أي إذا ثبت استهلاكه للمغصوب ولزمه بدله من القيمة أو المثل وادعى الفقر لا يحبس لأنه وإن كان مال دخل في يده لكنه باستهلاكه لم يبق في يده حتى يدل على قدرته على الإيفاء بخلاف ثمن المبيع فإن المبيع دخل في يده والأصل بقاؤه كما مر فلذا يحبس فيه وبخلاف العين المغصوبة القادر على تسليمها فإنه يحبس أيضا على تسليمها كما قدمه آنفا عن تهذيب القلانسي فلا منافاة بينه وبين ما هنا .
قال في أنفع الوسائل وقولهم أو ضمان المغصوب معناه إذا اعترف بالغصب وقال إنه فقير وتصادقا على الهلاك أو حبس لأجل العلم بالهلاك فإن القول للغاصب في العسرة هكذا ذكره السغناقي وتاج الشريعة وحميد الدين الضرير ا ه .
قوله ( ومتلف ) أي وبدل ما أتلفه من أمانة ونحوها .
قوله ( ودم عمد ) أي بدل الصلح عن دم عمد .
قال في أنفع الوسائل معناه أنه لو قتل مورثه عمدا فصالحه على مال فادعى أنه فقير يكون القول قول القاتل في ذلك لأنه ليس بدلا عن مال وما صرح بهذه أحد سوى الطحاوي في اختلاف الفقهاء وهو صحيح موافق للقواعد وداخل تحت قولهم عما ليس بمال ا ه .
قال في البحر ويشكل جعلهم القول فيه للمديون مع أنه التزمه بعقد ا ه .
أقول لا إشكال فيه لأن ذلك مبني على القول بعدم اعتبار العقد وأن المعتبر هو كون الدين بدلا عن مال وقع في يد المديون كما علمته مما نقلناه سابقا من عبارة الطحاوي وهذا القول هو الذي مر عن الخانية وأما على القول الذي مشى عليه القدوري وصاحب الاختيار وغيرهما من أصحاب المتون من أن المعتبر ما كان بدلا عن مال أو ملتزما بعقد وإن لم يكن بدلا عن مال فلا شك في دخول هذه الصورة في العقد فتكون على هذا القول من القسم الأول الذي يكون القول فيه للمدعي لأنها كالمهر وإنما يشكل الأمر لو صرح أحد من أهل هذا القول بأن بدل دم العمد يكون القول فيه للمديون مع أنه لم يصرح بذلك أحد إلا الطحاوي القائل بالقول الأول فعلمنا أنه مبني على أصله من أنه لا يعتبر العقد أصلا فمعارضة أهل القول الثاني بهذا القول غير واردة والإشكال ساقط كما قررنا نظيره في مسألة الخلع وبهذا ظهر أن الصواب إسقاط هذه الصورة أيضا وذكرها في القسم الأول .
قوله ( وعتق حظ شريك ) أي لو أعتق أحد شريكي عبد حصته منه بلا إذن الآخر واختار الآخر تضمينه فادعى المعتق الفقر فالقول له لأن تضمينه لم يجب بدلا عن مال وقع في يده ولا ملتزما بعقد حتى يكون دليل قدرته بل هو في الحقيقة ضمان إتلاف .
قوله ( وأرش جناية ) هذا وما بعده مرفوع عطفا على بدل لا على خلع المجرور لأن الأرش هو بدل الجناية والمراد أرش جناية موجبها المال دون القصاص .
قوله ( ونفقة قريب وزوجة ) أي نفقة مدة ماضية مقضي بها أو متراض عليها لكن نفقة القريب تسقط بالمضي إلا إذا كانت مستدانة بالأمر وسيذكر