على قوة المدرك وبهذا رجع القول الأول إلى ما في الحاوي من أن العبرة في المفتي المجتهد لقوة المدرك .
نعم فيه زيادة تفصيل سكت عنه الحاوي فقد اتفق القولان على أن الأصح هو أن المجتهد في المذهب من المشايخ الذين هم أصحاب الترجيح لا يلزمه الأخذ بقول الإمام على الإطلاق بل عليه النظر في الدليل وترجيح ما رجح عنده دليله ونحن نتبع ما رجحوه واعتمدوه كما لو أفتوا في حياتهم كما حققه الشارح في أول الكتاب نقلا عن العلامة قاسم ويأتي قريبا عن الملتقط أنه إن لم يكن مجتهدا فعليه تقليدهم واتباع رأيهم فإذا قضى بخلافه لا ينفذ حكمه .
وفي فتاوي ابن الشلبي لا يعدل عن قول الإمام إلا إذا صرح أحد من المشايخ بأن الفتوى على قول غيره وبهذا سقط ما بحثه في البحر من أن علينا الإفتاء بقول الإمام وإن أفتى المشايخ بخلافه وقد اعترضه محشيه الخير الرملي بما معناه أن المفتي حقيقة هو المجتهد وأما غيره فناقل لقول المجتهد فكيف يجب علينا الإفتاء بقول الإمام وإن أفتى المشايخ بخلافه ونحن إنما نحكي فتواهم لا غير ا ه وتمام أبحاث هذه المسألة حررناه في منظومتنا في رسم المفتي وفي شرحها وقدمنا بعضه في أول الكتاب والله الهادي إلى الصواب فافهم .
قوله ( معتمد مذهبه ) أي الذي اعتمده مشايخ المذهب سواء وافق قول الإمام أو خالفه كما قررناه آنفا .
قوله ( وسيجيء ) أي بعد أسطر عن الملتقط وكذا في الفصل الآتي عند قوله قضى في مجتهد فيه .
قوله ( اعلم أن في كل موضع قالوا الرأي فيه للقاضي الخ ) أقول قد عد في الأشباه من المسائل التي فوضت لرأي القاضي إحدى عشرة مسألة زاد محشيه الخير الرملي أربع عشرة مسألة أخرى ذكرها الحموي في حاشيته ولحفيد المصنف الشيخ محمد ابن الشيخ صالح بن المصنف رسالة في ذلك سماها ( فيض المستفيض في مسائل التفويض ) فارجع إليها ولكن بعض هذه المسائل لا يظهر توقف الرأي فيها على الاجتهاد المصطلح فليتأمل .
وانظر ما نذكره في الفصل الآتي عند قوله فيحبسه بما رأى قوله ( وإنما ينفذ القضاء الخ ) هذا في القاضي المجتهد أما المقلد فعليه العمل بمعتمد مذهبه علم فيه خلافا أو لا ا ه ط .
وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة عند قول المصنف وإذا رفع إليه حكم قاض آخر نفذه .
قوله ( وإذا أشكل الخ ) قال في الهندية وإن لم يقع اجتهاد على شيء وبقيت الحادثة مختلفة ومشكلة كتب إلى غير فقهاء مصره فالمشاورة بالكتاب سنة قديمة في الحوادث الشرعية فإن اتفق رأيهم على شيء ورأيه يوافقهم وهو من أهل الرأي والاجتهاد أمضى ذلك برأيه وإن اختلفوا نظر إلى أقرب الأقوال عند من الحق إن كان من أهل الاجتهاد وإلا أخذ بقول من هو أفقه وأورع عنده ا ه ط .
قوله ( وقضى بما رآه صوابا ) أي بما حدث له من الرأي والاجتهاد بعد مشاورتهم فلا ينافي قوله ولا رأى له فيه تأمل .
قوله ( إلا أن يكون غيره ) أي إلا أن يكون الشخص الذي أفتاه أقوى منه فيجوز له أن يعدل عن رأي نفسه إلى رأي ذلك المفتي لكن هذا إذا اتهم رأي نفسه .
ففي الهندية عن المحيط وإن شاور القاضي رجلا واحدا كفى فإن رأى بخلاف رأيه وذلك الرجل أفضل وأفقه عنده لم تذكر هذه المسألة هنا .
وقال في كتاب الحدود لو قضى برأي ذلك الرجل أرجو أن يكون في سعة وإن لم يتهم القاضي رأيه لا ينبغي أن يترك