قدم فلان الأجنبي فأنا كفيل بنفس فلان أو بما لك عليه فالكفالة باطلة كما نقله في الفتح عن المبسوط و الخانية وصرح به أيضا في النهاية و المعراج و العناية و شرح الوقاية ومثله في أجناس الناطفي حيث قال كل موضع أضاف الضمان إلى ما هو سبب للزوم المال فذلك جائز وكل موضع أضاف الضمان إلى ما ليس بسبب اللزوم فذلك باطل كقوله إن هبت الريح فما لك على فلان فعلي ا ه .
وجزم بذلك الزيلعي وصاحب البحر و النهر و المنح .
ولكن وقع في كثير من الكتب أنه يبطل التعليق وتصح الكفالة ويلزم المال حالا منها حاشية الهداية للخبازي و غاية البيان وكذلك الكفاية للبيهقي حيث قال فإن قال إذا هبت الريح أو دخل زيد الدار فالكفالة جائزة والشرط باطل والمال حال وكذا في شرح العيون لأبي الليث و المختار ووقع اختلاف في نسخ الهداية ونسخ الكنز ففي بعضها كالأول وفي بعضها كالثاني وقد مال إلى الثاني العلامة الطرسوسي في أنفع الوسائل وأرجع ما مر عن الخانية وغيرها إليه ورد عليه العلامة الشرنبلالي في رسالة خاصة وادعى أن ما في الخبازية مؤول وأرجعه إلى ما في الخانية وغيرها ورد أيضا على قول الدرر إن في المسألة قولين .
أقول والإنصاف ما في الدرر لأن ارتكاب تأويل هذه العبارات وإرجاع بعضها إلى البعض يحتاج إلى نهاية التكلف والتعسف والأولى اتباع ما مشى عليه جمهور شراح الهداية و شراح الكنز وغيرهم للمبسوط و الخانية من بطلان الكفالة .
قوله ( وما في الهداية ) حيث قال لا يصح التعليق بمجرد الشرط كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالا لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لا تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق وتبعه صاحب الكافي .
لكن في بعض نسخ الهداية بعد قوله أو جاء المطر وكذا إذا جعل واحدا منها أجلا وحينئذ فقوله إلا أنه تصح الكفالة الخ راجع إلى مسألة الأجل فقط ولا ينافيه قوله لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط الخ لأن المراد به الشرط الملائم وقد أطال الكلام على تأويل عبارة الهداية في البحر و النهر وغيرهما .
قوله ( نعم لو جعله أجلا ) أي بأن قال إلى هبوب الريح أو مجيء المطر ونحوه مما هو مجهول جهالة متفاحشة فيبطل التأجيل وتصح الكفالة بخلاف ما كانت جهالته غير متفاحشة كالحصاد ونحوه فإنها تصح إلى الأجل كما قدمناه آنفا .
قوله ( في تعليق ) نحو إن غصبك إنسان شيئا فأنا كفيل ا ه ح .
ويستثنى منه ما سيأتي متنا آخر الباب وهو ما لو قال له اسلك هذا الطريق الخ وسيأتي بيانه .
قوله ( وإضافة ) نحو ما ذاب لك على الناس فعلي ا ه ح .
وقد صرح أيضا في الفتح بأنه من جهالة المضمون في الإضافة .
قلت ووجهه أن ما ذاب ماض أريد به المستقبل كما يأتي فكان مضافا إلى المستقبل معنى وعن هذا جعل في الفصول العمادية المعلق من المضاف لأن المعلق واقع في المستقبل أيضا وقدمنا أن في الهداية جعل ما بايعت فلانا من المعلق لأنه في حكمه من حيث وقوع كل منهما في المستقبل وبه ظهر أن كلا منهما يطلق على الآخر نظرا إلى المعنى وأما بالنظر إلى اللفظ فما صرح فيه بأداة الشرط فهو معلق وغيره مضاف وهو الأوضح فلذا غاير بينهما تبعا للفتح .
فافهم .
قوله ( لا تخيير ) بالخاء المعجمة وسماه تخييرا لكون المكفول له مخيرا كما ذكره لكن الواقع في عبارة الفتح وغيره تنجيز بالجيم والزاي وهو الأصوب لأن المراد به الحال المقابل للتعليق والإضافة المراد بهما المستقبل ووجه جواز جهالة المكفول عنه في التنجيز دون التعليق كما في الفتح أن القياس يأتي جواز إضافة الكفالة لأنها تمليك في حق الطالب وإنما جوزت استحسانا للتعامل والتعامل فيما إذا كان المكفول عنه