لك على فلان أنا أدفعه إليك أو أسلمه إليك أو أقبضه لا يكون كفالة ما لم يتكلم بما يدل على الالتزام وقيده في الخلاصة بما إذا قاله منجزا فلو معلقا يكون كفالة نحو أن يقول إن لم يؤد فأنا أؤدي نظيره في النذر ولو قال أنا أحج لا يلزمه شيء ولو قال إن دخلت الدار فأنا أحج يلزمه الحج ا ه .
قلت لكن لو قال ضمنت لك ما عليه أنا أقبضه وأدفعه إليك يصير كفالة بالقبض والتسليم كما سنذكره في بحث كفالة المال .
$ مطلب في الكفالة المؤقتة $ قوله ( وإذا كفل إلى ثلاثة أيام الخ ) حاصلة أنه إذا قال كفلت لك زيدا أو ما على زيد من الدين إلى شهر مثلا صار كفيلا في الحال أبدا أي في الشهر وبعده ويكون ذكر المدة لتأخير المطالبة إلى شهر لا لتأخير الكفالة كما لو باع عبدا بألف إلى ثلاثة أيام يصير مطالبا بالثمن بعد الثلاثة وقيل لا يصير كفيلا في الحال بل بعد المدة فقط وهو ظاهر عبارة الأصل وعلى كل فلا يطالب في الحال وهو ظاهر الرواية كما في التتارخانية .
وفي السراجية وهو الأصح وفي الصغرى وبه يفتى كما في البحر .
قلت ومقابله ما قاله أبو يوسف والحسن أنه يطالب به في المدة فقط وبعدها يبرأ الكفيل كما لو ظاهر أو آلى من امرأته مدة فإنهما يقعان فيها ويبطلان بمضيها كما في الظهيرية وغيرها .
وفيها أيضا ولو قال كفلت فلانا من هذه الساعة إلى شهر تنتهي الكفالة بمضي الشهر بلا خلاف ولو قال شهرا لم يذكره محمد .
واختلف فيه فقيل هو كفيل أبدا كما لو قال إلى شهر وقيل في المدة فقط أي كما لو قال من هذه الساعة إلى شهر .
والحاصل أنه إما أن يذكر إلى بدون من فيقول كفلته إلى شهر وهي المسألة فيكون كفيلا بعد الشهر ولا يطالب في الحال .
وعند أبي يوسف والحسن هو كفيل في المدة فقط وإما أن يذكر من وإلى فيقول كفلته من اليوم إلى شهر فهو كفيل في المدة فقط بلا خلاف وإما أن لا يذكر من ولا إلى فيقول كفلته شهرا أو ثلاثة أيام فقيل كالأول وقيل كالثاني .
وفي التتارخانية عن جمع التفاريق قال واعتماد أهل زماننا على أنه كالثاني .
قلت وينبغي عدم الفرق بين الصور الثلاث في زماننا كما هو قول أبي يوسف والحسن لأن الناس اليوم لا يقصدون بذلك إلا توقيت الكفالة بالمدة وأنه لا كفالة بعدها وقد تقدم أن مبنى ألفاظ الكفالة على العرف والعادة وأن لفظ عندي للأمانة وصار في العرف للكفالة بقرينة الدين .
وقالوا إن كلام كل عاقد وناذر وحالف وواقف يحمل على عرفه سواء وافق عرف اللغة أو لا .
ثم رأيت في الذخيرة قال وكان القاضي الإمام الأجل أبو علي النسفي يقول قول أبي يوسف أشبه بعرف الناس إذا كفلوا إلى مدة يفهمون بضرب المدة أنهم يطالبون في المدة لا بعدها إلا أنه يجب على المفتي أن يكتب في الفتوى أنه إذا مضت المدة المذكورة فالقاضي يخرجه عن الكفالة احترازا عن خلاف جواب الكتاب وإن وجد هناك قرينة تدل على إرادته جواب الكتاب فهو عليه ا ه .
لكن نازع في ذلك في أنفع الوسائل بأن القاضي المقلد لا يحكم إلا بظاهر الرواية لا بالرواية الشاذة إلا أن ينصوا على أن الفتوى عليها ا ه .
قلت ما ذكره النسفي مبني على أن المذكور في ظاهر الرواية إنما هو حيث لا عرف إذ لا وجه للحكم على المتعاقدين بما لم يقصداه فليس قضاء بخلاف ظاهر الرواية وما ذكره من إخراج القاضي له عن الكفالة زيادة احتياط لإحتمال كون العاقدين عالمين بذلك المعنى قاصدين له ولذا قال إن وجد قرينة على خلاف العرف