الكفالة فقيل إنها الضم في المطالبة كما مشى عليه المصنف وغيره من أصحاب المتون وقيل الضم في الدين فيثبت بها دين آخر في ذمة الكفيل ويكتفى باستيفاء أحدهما ولم يرجع في المبسوط أحد القولين لكن في الهداية وغيرها الأول أصح .
ووجهه كما في العناية أنها كما تصح بالمال تصح بالنفس ولا دين وكما تصح بالدين تصح بالأعيان المضمونة ويلزم أن يصير الدين الواحد دينين ا ه .
وفيه نظر إذ من عرفها بالضم في الدين إنما أراد تعريف نوع منها وهو الكفالة بالمال .
وأما الكفالة بالنفس وبالأعيان فهي في المطالبة اتفاقا وهما ماهيتان لا يمكن جمعهما في تعريف واحد وأفرد تعريف الكفالة بالمال لأنه محل الخلاف .
نهر .
وحاصله أن كون تعريفها بالضم في المطالبة أعم لشموله الأنواع الثلاثة لا يصح توجيها لكونه أصح من تعريفها بالضم في الدين لأن المراد به تعريف نوع منها وهو كفالة الدين .
أما النوعان الآخران فمتفق على كون الكفالة بهما كفالة بالمطالبة ولا يمكن الجمع بين الكفالة بالأول والكفالة بالآخرين في تعريف واحد لأن الضم في الدين غير الضم في المطالبة .
ثم لا يخفى أن تعريفها بالضم في الدين يقتضي ثبوت الدين في ذمة الكفيل كما صرح به أولا ويدل عليه أنه لو وهب الدين للكفيل صح ويرجع به على الأصيل مع أن هبة الدين من غير من عليه الدين لا تصح وما أورد عليه من لزوم صيرورة الدين الواحد دينين دفعه في المبسوط بأنه لا مانع لأنه لا يستوفي إلا من أحدهما كالغاصب مع غاصب الغاصب فإن كلا ضامن للقيمة وليس حق المالك إلا في قيمة واحدة لأنه لا يستوفي إلا من أحدهما واختياره تضمين أحدهما يوجب براءة الآخر فكذا هنا لكن هنا بالقبض لا بمجرد اختياره لكن المختار الأول وهو أن الضم في مجرد المطالبة لا الدين لأن اعتباره في ذمتين وإن أمكن شرعا لا يجب الحكم بوقوع كل ممكن إلا بموجب ولا موجب هنا لأن التوثق يحصل بالمطالبة وهو لا يستلزم ثبوت اعتبار الدين في الذمة كالوكيل بالشراء يطالب بالثمن وهو في ذمة الموكل كذا في الفتح .
وكذا الوصي والولي والناظر يطالبون بما لزم دفعه ولا شيء في ذمتهم كما في البحر وذكر أنهم لم يذكروا لهذا الاختلاف ثمرة فإن الاتفاق على أن الدين لا يستوفى إلا من أحدهما وأن الكفيل مطالب وأن هبة الدين له صحيحة ويرجع به على الأصيل ولو اشترى الطالب بالدين شيئا من الكفيل صح مع أن الشراء بالدين من غير من عليه لا يصح .
ويمكن أن تظهر فيما إذا حلف الكفيل أن لا دين عليه فيحنث على الضعيف لا على الأصح ا ه .
قلت يظهر لي الاتفاق على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أيضا بدليل الاتفاق على هذه المسائل المذكورة ولأن اعتباره في ذمتين ممكن كما علمت وما ذكر من هذه المسائل موجب لذلك الاعتبار ولو كانت ضما في المطالبة فقط بدون دين لزم أن لا يؤخذ المال من تركة الكفيل لأن المطالبة تسقط عنه بموته كالكفيل بالنفس لما كان كفيلا بالمطالبة فقط بطلت الكفالة بموته مع أن المصرح به أن المال يحل بموت الكفيل وأنه يؤخذ من تركته ولأن الكفيل يصح أن يكفله عند الطالب كفيل آخر بالمال المكفول به فإذا أدى الآخر المال إلى الطالب لم يرجع به على الأصيل بل يرجع على الكفيل الأول فإن أدى إليه رجع الأول على الأصيل لو الكفالة بالأمر نص عليه في كافي الحاكم ويشهد لذلك فروع أخر ستظهر في محالها .
وعلى هذا فمعنى كون التعريف الأول أصح شموله أنواع الكفالة الثلاثة بخلاف التعريف الثاني كما مر عن العناية .
والجواب بأنه إنما أراد تعريف نوع منها لا يدفع الإيراد لأنه لم يعرف النوعين الآخرين فكان موهما اختصاصها بذلك النوع فقط هذا ما ظهر لي فتدبره .
قوله ( وهو الكفالة بالمال ) أراد بالمال الدين وإلا فهو يشمل العين مقابل الدين ا ه ح .
قوله ( لأنه محل الخلاف ) بيان