أي الأداء فرض الوقت ولم يقل به أحد إذ لا يبقى وقت العشاء بعد طلوع الفجر إجماعا ا ه وأيضا فإن من جملة بلادهم ما يطلع فيها الفجر كما غربت الشمس كما في الزيلعي وغيره فلم يوجد وقت قبل الفجر يمكن فيه الأداء .
إذا علمت ذلك ظهر لك أن من قال بالوجوب يقول به على سبيل القضاء لا الأداء ولو كان الاعتبار بأقرب البلاد إليهم لزم أن يكون الوقت الذي اعتبرناه لهم وقت للعشاء حقيقة بحيث تكون العشاء فيه أداء مع أن القائلين عندنا بالوجوب صرحوا بأنها قضاء وبفقد وقت الأداء وأيضا لو فرض أن فجرهم يطلع بقدر ما يغيب الشفق في أقرب البلاد إليهم لزم اتحاد وقتي العشاء والصبح في حقهم أو أن الصبح لا يدخل بطلوع الفجر .
إن قلنا إن الوقت للعشاء فقط ولزم أن تكون العشاء نهارية لا يدخل وقتها إلا بعد طلوع الفجر وقد يؤدي أيضا إلى أن الصبح إنما يدخل وقته بعد طلوع شمسهم وكل ذلك لا يعقل فتعين ما قلنا في معنى التقدير ما لم يوجد نقل صريح بخلافه .
وأما مذهب الشافعية فلا يقضي على مذهبنا ثم رأيت في الحلية ذكر ما ذكره الشافعية ثم اعترضه بأن ظاهر حديث الدجال يفيد التقدير في خصوص ذلك البلد لأن الوقت يختلف باختلاف كثير من الأقطار وهذا مؤيد لما قلنا ولله الحمد فافهم .
قوله ( ولا ينوي القضاء الخ ) قد علمت ما أورده الزيلعي عليه من أنه يلزم من عدم نية القضاء أن يكون أداء ضرورة الخ فيتعين أن يحمل كلام البرهان الكبير على وجوب القضاء كما كان يقول به الحلواني .
وقد يقال لا مانع من كونها لا أداء ولا قضاء كما سمى بعضهم ما وقع بعضها في الوقت أداء وقضاء لكن المنقول عن المحيط وغيره أن الصلاة الواقع بعضها في الوقت وبعضها خارجه يسمى ما وقع منها الوقت أداء وما وقع خارجه يسمى قضاء اعتبارا لكل جزء بزمانه فافهم .
قوله ( فزعم المصنف الخ ) أي حيث جزم به وعبر عن مقابله بقيل ولذا نسبه في الإمداد إلى الوهم .
قوله ( وأوسعا المقال ) أي كل من الشرنبلالي والبرهان الحلبي لكن الشرنبلالي نقل كلام البرهان الحلبي برمته فلذا نسب إليه الإيساع .
قوله ( ومنعا ما ذكره الكمال ) أما الذي ذكره الكمال فهو قوله ومن لا يوجد عندهم وقت العشاء أفتى البقالي بعدم الوجوب عليهم لعدم السبب كما يسقط غسل اليدين من الوضوء عن مقطوعهما من المرفقين ولا يرتاب متأمل في ثبوت الفرق بين عدم محل الفرض وبين عدم سببه الجعلي الذي جعل علامة على الوجوب الخفي الثابت في نفس الأمر وجواز تعداد المعرفات للشيء فانتفاء الوقت انتفاء المعرف وانتفاء الدليل على الشيء لا يستلزم انتفاءه لجواز دليل آخر وقد وجد وهو ما تواطأت عليه أخبار الإسراء من فرض الله تعالى الصلوات خمسا بعد ما أمر أولا بخمسين ثم استقر الأمر على